بخارى بتحريمه؛ لأنه مما أُهِلّ به لغير الله تعالى، قال الرافعيّ: هذا إنما
يذبحونه استبشاراً بقدومه، فهو كذبح العقيقة لولادة المولود، ومثل هذا لا
يوجب التحريم، والله أعلم. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: ما قاله الرافعيّ - رحمه الله - من أن هذا الذبح مثل
العقيقة لا يوجب التحريم، هو الأظهر عندي، فتأمله بالإمعان، والله تعالى
أعلم.
وقال أبو العبّاس القرطبيّ - رحمه الله -: وأما لعن من ذبح لغير الله، فإن كان
كافراً يَذبح للأصنام، فلا خفاء بحاله، وهي التي أُهلّ بها لغير الله، والتي
قال الله تعالى فيها: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} الآية [الأنعام: 121]،
وأما إن كان مسلماً، فيتناوله عموم هذا اللعن، ثم لا تَحلّ ذبيحته؛ لأنه
لم يَقصد بها الإباحة الشرعيّة، وقد تقدّم أنها شرط في الذكاة، ويُتصوَّر ذبح
المسلم لغير الله فيما إذا ذبح عابثاً، أو مُجرِّباً لآلة الذبح، أو اللَّهو، ولم يقصِد
الإباحة، وما أشبه ذلك. انتهى (?).
والثالثة ما أشار إليها بقوله: (وَلَعَنَ اللهُ مَنْ آوَى) بالمدّ، ويجوز القصر؛
لأنه يتعدّى، ولا يتعدّى، قاله الطيبيّ - رحمه الله - (?).
وقوله أيضاً: (وَلَعَنَ اللهُ مَنْ آوَى)؛ أي: ضمّه، ومنعه ممن له عليه حقّ،
ونصره، ويقال: أوى بالقصر والمدّ، متعدّياً، ولازماً، والقصر في اللازم أكثر،
والمدّ في المتعدّي أكثر، قاله القرطبيّ - رحمه الله - (?).
وبالأكثر جاء القرآن العزيز في الموضعين، قال الله تعالى في اللازم:
{أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ} الآية [الكهف: 63]، وقال في المتعدّي: {وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ} الآية [المؤمنون: 50].
(مُحْدِثاً) - بكسر الدال - هو الذي جنى على غيره جناية، وإيواؤه: إجارته
من خصمه، والحيلولة بينه وبين ما يحقّ استيفاؤه منه، ويدخل في ذلك الجاني