وَاسْتَثْنِ نَاصِباً بِ "غَيْرٍ" مُعْرَبَا ... بِمَا لِمُسْتَثْنًى بِـ "إِلَّا" نُسِبَا
(أَنَّهُ) - صلى الله عليه وسلم - (قَدْ حَدَّثَنِي بِكَلِمَاتٍ أَوْبَعٍ) وفي رواية النسائيّ: "بأربع كلمات"،
زاد في روايته: "وأنا وهو في البيت"، والبيت يَحْتَمِل أن يكون المراد به
بيته - صلى الله عليه وسلم -، ويَحْتَمِل أن يكون بيت عليّ - رضي الله عنه -، أو بيت الله الحرام، والجملة في
محلّ نصب على الحال.
(قَالَ) أبو الطفيل (فَقَالَ) الرجل السائل (مَا) استفهاميّة، (هُنَّ)؛ أي:
الأربع الكلمات (يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ ) هذا فيه أن هذا السؤال والجواب وقع في
خلافة عليّ - رضي الله عنه -. (قَالَ) عليّ - رضي الله عنه - (قَالَ) ("لَعَنَ اللهُ)؛ أي: أبعده، وطرده
من رحمته، يقال: لعنه لعناً، من باب نفع: إذا طرده، وأبعده، أو سبّه، فهو
لعينٌ، أو ملعون. قاله الفيّوميّ (?). (مَنْ لَعَنَ وَالِدَهُ)؛ أي: دعا على والده
باللعن، أو سبّه، وفي الرواية التالية: "من لعن والديه" بالتثنية، قال
القرطبيّ - رحمه الله -: وإنما استحقّ لاعن أبويه لعنة الله؛ لمقابلته نعمة الأبوين
بالكفران، وانتهائه إلى غاية العقوق والعصيان، كيف لا، وقد قرن الله تعالى
برّهما بعبادته، وإن كانا كافرين بتوحيده، وشريعته. انتهى (?).
وقال النوويّ - رحمه الله -: لعن الوالد، والوالدة، من كبائر الذنوب، وقد سبق
ذلك مشروحاً واضحاً في "كتاب الإيمان"، فراجعه تستفد، وبالله تعالى
التوفيق.
هذه هي إحدى الكلمات الأربع، وأما الثانية فأشار إليها بقوله: (وَلَعَنَ اللهُ
مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ) قال النوويّ - رضي الله عنه -: المراد به أن يذبح باسم غير الله تعالى،
كمن ذبح للصنم، أو الصليب، أو لموسى، أو لعيسى - صلى الله طيهما - أو
للكعبة، ونحو ذلك، فكل هذا حرام، ولا تحلّ هذه الذبيحة، سواء كان الذابح
مسلماً، أو نصرانيّاً، أو يهوديّاً، نصّ عليه الشافعيّ، واتَّفَقَ عليه أصحابنا، فإن
قَصَد مع ذلك تعظيم المذبوح له غير الله تعالى، والعبادةَ له كان ذلك كفراً،
فإن كان الذابح مسلماً قبل ذلك صار بالذبح مرتدّاً، وذكر الشيخ إبراهيم
المروزيّ من أصحابنا أن ما يُذبح عند استقبال السلطان تقرباً إليه أفتى أهل