حنيفة، وإسحاق، وهو ظاهر كلام أحمد؛ لِمَا رَوَى جندبُ بن عبد الله البجليّ - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من ذبح قبل أن يصلي، فليُعِد مكانها أخرى"، وعن البراء - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من صلى صلاتنا، ونَسَك نُسُكَنا، فقد أصاب النُّسك، ومن ذبح قبل أن يصلي، فليُعِد مكانها أخرى"، متفق عليه، وفي لفظ قال: "إن أول نُسُكنا، في يومنا هذا الصلاةُ، ثم الذبح، فمن ذبح قبل الصلاة، فتلك شاة لحم قدّمها لأهله، ليس من النسك في شيء"، وظاهر هذا اعتبار نفس الصلاة.
وذهب عطاء إلى أن وقتها إذا طلعت الشمس؛ لأنها عبادة، يتعلق آخرها بالوقت، فتعلّق أولها بالوقت، كالصيام.
وقال أبو حنيفة: أول وقتها في حقهم، إذا طلع الفجر الثاني؛ لأنه من يوم النحر، فكان وقتها منه كسائر اليوم.
قال ابن قُدامة: والصحيح - إن شاء الله تعالى - أن وقتها، في الموضع الذي يُصَلَّى فيه بعد الصلاة؛ لظاهر الخبر، والعمل بظاهره أَولى، فأما غير أهل الأمصار والقرى، فأول وقتها في حقهم قدر الصلاة، والخطبة بعد الصلاة؛ لأنه لا صلاة في حقّهم تُعتبر، فوجب الاعتبار بقدرها.
قال ابن قُدامة: فإن لم يصلِّ الإمام في المصر لم يَجُز الذبح، حتى تزول الشمس؛ لأنها حينئذ تسقط، فكأنه قد صَلَّى، وسواء ترك الصلاة عمدًا، أو غير عمد؛ لعذر أو غيره.
فأما الذبح في اليوم الثاني، فهو في أول النهار؛ لأن الصلاة فيه غير واجبة، ولأن الوقت قد دخل في اليوم الأول، وهذا من أثنائه، فلا تعتبر فيه صلاة ولا غيرها، وإن صلى الإمام في المصلَّى، واستخلف من صلى في المسجد، فمتى صَلَّوا في أحد الموضعين، جاز الذبح؛ لوجود الصلاة التي يَسقُط بها الفرض، عن سائر الناس، فإن ذبح بعد الصلاة قبل الخطبة، أجزأ في ظاهر كلام أحمد؛ لأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَّق المنع على فعل الصلاة، فلا يتعلق بغيره، ولأن الخطبة غير واجبة، وهذا قول الثوري. انتهى المقصود من كلام ابن قدامة - رحمه الله - باختصار، وتصرّف.
وقال في "الفتح" - عند قوله: "فلا يذبح، حتى ينصرف" - ما نصّه: