تمسَّك به الشافعية في أن أول وقت الأضحية قدر فراغ الصلاة والخطبة؛ وإنما شرطوا فراغ الخطيب؛ لأن الخطبتين مقصودتان مع الصلاة، في هذه العبادة، فيُعتبر مقدار الصلاة والخطبتين على أخف ما يجزي بعد طلوع الشمس، فإذا ذبح بعد ذلك أجزأه الذبح عن الأضحية، سواء صلى العيد أم لا، وسواء ذبح الإمام أضحيته أم لا، ويستوي في ذلك أهل المصر والحاضر والبادي. ونقل الطحاويّ عن مالك، والأوزاعيّ، والشافعيّ: لا تجوز أضحية قبل أن يذبح الإمام، وهو معروف عن مالك، والأوزاعيّ، لا الشافعيّ.
قال القرطبي: ظواهر الأحاديث تدل على تعليق الذبح بالصلاة، لكن لمّا رأى الشافعيّ، أن من لا صلاة عيد عليه، مخاطَب بالتضحية، حَمَل الصلاة على وقتها. وقال أبو حنيفة، والليث: لا ذبح قبل الصلاة، ويجوز بعدها، ولو لم يذبح الإمام، وهو خاص بأهل المصر، فأما أهل القرى والبوادي، فيدخل وقت الأضحية في حقهم، إذا طلع الفجر الثاني. وقال مالك: يذبحون إذا نحر أقرب أئمة القرى إليهم، فإن نحروا قبلُ أجزأهم. وقال عطاء، وربيعة: يذبح أهل القرى بعد طلوع الشمس. وقال أحمد، وإسحاق: إذا فرغ الإمام من الصلاة، جازت الأضحية، وهو وجه للشافعية، قويّ من حيث الدليل، وإن ضعّفه بعضهم، ومثله قول الثوري: يجوز بعد صلاة الإمام، قبل خطبته، وفي أثنائها، ويَحْتَمِل أن يكون قوله: "حتى ينصرف"؛ أي: من الصلاة، كما في الروايات الأخر، وأصرح من ذلك: ما وقع عند أحمد، من طريق يزيد بن البراء، عن أبيه، رفعه: إنما الذبح بعد الصلاة، ووقع في حديث جندب، عند مسلم: "من ذبح قبل أن يصلي، فليذبح مكانها أخرى"، قال ابن دقيق العيد: هذا اللفظ أظهر في اعتبار فعل الصلاة، من حديث البراء؛ أي: حيث جاء فيه: "من ذبح قبل الصلاة"، قال: لكن إن أجريناه على ظاهره، اقتضى أن لا تجزئ الأضحية، في حق من لم يصلّ العيد، فإن ذهب إليه أحد، فهو أسعد الناس بظاهر هذا الحديث، وإلا وجب الخروج عن هذا الظاهر، في هذه الصورة، ويبقى ما عداها في محل البحث.
وتُعقِّب بأنه قد وقع في "صحيح مسلم"، في رواية أخرى: "قبل أن يصلي"، أو "نصلي" بالشك، قال النووي: الأُولى بالياء، والثانية بالنون، وهو