لك مقصود القربة، ولا الثواب. وهذا كما يقال في صلاة النفل: لا تجزي إلا بطهارة، وستر عورة؛ أي: لا تصح في نفسها؛ إذ لا يحصل مقصود القربة إلا بتمام شروطها. وهذا واضح جدًّا.
وقد استَدَلَّ بعض من رأى الوجوب: بأن الأضحية من شريعة إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - وقد أُمِرنا باتِّباعه؛ لقوله تعالى: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: 78]، وهذا تَرِد عليه أسئلة كثيرة، قد ذكرناها في الأصول، فلا حجة فيه؛ لأنَّا نقول بموجب ذلك، ونسألهم: هل كانت الأضحية واجبة في شرعه، أو سُنَّة؟ وليس هناك ما يدلّ على شيء من ذلك، فإن استدلوا بقصة الذبيح؛ فتلك قضية خاصة، أو منسوخة، ولا حجة في شيء منها، والله تعالى أعلم. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بما سبق أن أرجح المذاهب هو ما عليه الجمهور، من استحباب الأضحيّة، استحبابًا أكيدًا، وأنها ليست بواجبة؛ لوضوح أدلّتها.
قال أبو محمد بن حزم - رحمه الله - في كتابه "المحلّى": الأضحيّة سنّة حسنةٌ، وليست فرضًا، ومن تَرَكها غير راغب عنها، فلا حرج عليه في ذلك، ومن ضحّى عن امرأته، أو ولده، أو أمته، فحسنٌ، ومن لا فلا حرج في ذلك، ثم ذكر الأدلّة على هذا، وأقوال العلماء، وأدلّتهم، وناقشها على عادته، بما لا تراه في غير كتابه، فراجعه تستفد (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في وقت الأضحيّة:
ذهبت طائفة إلى أنه إذا مضى من نهار يوم العيد، قَدْر ما تَحِلّ فيه الصلاة، وقَدْر الصلاة والخطبتين تامّتين، في أخف ما يكون، فقد دخل وقت الذبح، ولا يُعتبر نفس الصلاة، لا فرق في هذا بين أهل المصر وغيرهم، وهذا مذهب الشافعيّ، وابن المنذر.
وذهبت طائفة إلى أن من شَرْط جواز التضحية، في حقّ أهل المصر، صلاةَ الإمام، وخطبَتَهُ، رُوي نحوُ هذا عن الحسن، والأوزاعيّ، ومالك، وأبي