سهوًا، وهو مروي عن ابن عمر، ونافع مولاه، وعامر الشعبيّ، ومحمد بن سيرين، وهو رواية عن الإمام مالك، ورواية عن أحمد بن حنبل، نصرها طائفة من أصحابه المتقدمين والمتأخرين، وهو اختيار أبي ثور، وداود الظاهري، واختار ذلك أبو الفتوح، محمد بن محمد بن علي الطائي، من متأخري الشافعية، في كتابه "الأربعين"، واحتجوا لمذهبهم هذا بهذه الآية، وبقوله في آية الصيد: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} الآية [المائدة: 4]، ثم قد أكد في هذه الآية بقوله: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ}، والضمير قيل: عائد على الأكل، وقيل: عائد على الذبح لغير الله، وبالأحاديث الواردة في الأمر بالتسمية عند الذبيحة والصيد، كحديثي عدي بن حاتم، وأبي ثعلبة - رضي الله عنهما -: "إذا أرسلت كلبك المعلَّم، وذكرت اسم الله عليه، فَكُلْ ما أمسك عليك"، وهما في "الصحيحين"، وحديث رافع بن خديج - رضي الله عنه -: "ما أنهر الدم، وذُكر اسم الله عليه فكلوه"، وهو في "الصحيحين" أيضًا، وحديث ابن مسعود - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال للجن: "لكم كل عظم ذُكر اسم الله عليه"، رواه مسلم، وحديث جندب بن سفيان البجلي - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من ذبح قبل أن يصلي، فليذبح مكانها أخرى، ومن لم يكن ذبح حتى صلينا، فليذبح باسم الله"، أخرجاه، وعن عائشة - رضي الله عنها -: أن ناسًا قالوا: يا رسول الله، إن قومًا يأتوننا باللحم، لا ندري أذُكر اسم الله عليه أم لا؟ ، قال: "سمُّوا عليه أنتم، وكلوا"، قالت: وكانوا حديثي عهد بالكفر، رواه البخاري. ووجه الدلالة أنهم فَهِموا أن التسمية لا بد منها، وخَشُوا أن لا تكون وُجدت من أولئك؛ لحداثة إسلامهم، فأمَرَهم بالاحتياط بالتسمية عند الأكل؛ لتكون كالعوض عن المتروكة عند الذبح، إن لم تكن وُجدت، وأمَرَهم باجراء أحكام المسلمين على السداد، والله أعلم.
(المذهب الثاني في المسألة): أنه لا يشترط التسمية، بل هي مستحبة، فإن تركها عمدًا أو نسيانًا لا يضر، وهذا مذهب الإمام الشافعيّ - رحمه الله -، وجميع أصحابه، ورواية عن الإمام أحمد، نقلها عنه حنبل، وهو رواية عن الإمام مالك، ونصّ على ذلك أشهب بن عبد العزيز، من أصحابه، وحُكي عن ابن عباس، وأبي هريرة، وعطاء بن أبي رباح، والله أعلم. وحَمَل الشافعي الآية