الكريمة: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} الآية, [الأنعام: 121] على ما ذُبح لغير الله، كقوله تعالى: {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: 145]، وقال ابن جريج، عن عطاء: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} الآية [الأنعام: 121] قال: ينهى عن ذبائحَ، كانت تذبحها قريش للأوثان، وينهى عن ذبائح المجوس، وهذا المسلك الذي طرقه الإمام الشافعيّ قويّ، وقد حاول بعض المتأخرين أن يقويه، بأن جعل الواو في قوله: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} حالية؛ أي: لا تأكلوا ما لم يذكر اسم الله عليه، في حال كونه فسقًا، ولا يكون فسقًا، حتى يكون قد أُهِلّ به لغير الله، ثم ادّعى أن هذا متعيِّن، ولا يجوز أن تكون الواو عاطفة؛ لأنه يلزم منه عطف جملة اسمية خبرية، على جملة فعلية طلبية، وهذا ينتقض عليه بقوله: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} [الأنعام: 121]، فإنها عاطفة، لا مَحَالة، فإن كانت الواو التي ادّعى أنها حالية صحيحة، على ما قال، امتنع عَطْف هذه عليها، فإن عُطفت على الطلبية، ورَدَ عليه ما أورد على غيره، وإن لم تكن الواو حالية، بَطَل ما قال من أصله، والله أعلم.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن المغيرة، أنبأنا جرير، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في الآية: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} قال: هي الميتة. ثم رواه عن أبي زرعة، عن يحيى بن أبي كثير، عن ابن لَهِيَعة، عن عطاء - وهو ابن السائب - به.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: في الأول: عطاء بن السائب، وهو مختلط، وجرير ممن روى عنه بعد اختلاطه، وفي الثاني: ابن لَهيعة، وهو ضعيف للاختلاط، لكن الأثر سيأتي بإسناد صحيح، والله تعالى أعلم.

قال: وقد استُدل لهذا المذهب بما رواه أبو داود في "المراسيل" من حديث ثور بن زيد، عن الصلت السَّدُوسيّ، مولى سُويد بن منجوف، أحد التابعين، الذين ذكرهم أبو حاتم بن حبان، في كتاب "الثقات"، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ذبيحة المسلم حلال، ذَكَر اسم الله، أو لم يَذكُر، إنه إنْ ذَكَر لم يَذْكُر إلا اسم الله"، وهذا مرسل، يُعضَد بما رواه الدارقطنيّ، عن ابن عباس، أنه قال: "إذا ذبح المسلم، ولم يذكر اسم الله فليأكل، فإنّ المسلم فيه اسم من أسماء الله".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015