الشافعيّ، وجمهور من العلماء في التعليم أن يُمسك على صاحبه، ولا يأكل منه شيئًا، ولم يشترطه مالكٌ في المشهور عنه. انتهى (?).

وقال في "الفتح" ما حاصله: اخْتُلِفَ مَتَى يُعْلَمُ تَعَلُّم الكلاب، فَقَالَ الْبَغَوِيُّ فِي "التَّهْذِيب": أَقَلّه ثَلَاث مَرَّات، وَعَن أَبِي حَنِيفَة، وَأَحْمَدْ: يَكْفِي مَرَّتَيْنِ، وَقَالَ الرَّافِعِيّ: لَمْ يُقَدِّرهُ الْمُعْظَم لاضْطِرَابِ الْعُرْف، وَاخْتِلَاف طِبَاع الْجَوَارِح، فَصَارَ الْمَرْجِع إِلَى الْعُرْف. وَوَقَعَ فِي رِوَايَة مُجَالِد عَن الشَّعْبِيّ، عَن عَدِيّ فِي هَذَا الْحَدِيث، عِنْد أَبِي دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيّ، أَمَّا التِّرْمِذِيّ، فَلَفْظه: "سَأَلْت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عَن صَيْد الْبَازِي، فَقَالَ: مَا أَمْسَكَ عَلَيْك فَكُلْ"، وَأَمَّا أَبُو دَاوُدَ، فَلَفْظه: "مَا عَلَّمْتَ مِنْ كَلْب، أَوْ بَازٍ، ثُمَّ أَرْسَلْته، وَذَكَرْت اسْم الله، فَكُلْ مَا أَمْسَكَ عَلَيْك"، قُلْت: وَإِنْ قَتَلَ؟ ، قَالَ: "إِذَا قَتَلَ، وَلَمْ يَأْكُل مِنْهُ"، قَالَ التِّرْمِذِيّ: وَالْعَمَل عَلَى هَذَا عِنْد أَهْل الْعِلْم، لا يَرَوْنَ بِصَيْدِ الْبَاز، وَالصُّقُور بَأْسًا. انتهى.

وقال ابن قُدامة - رحمه الله - ما حاصله: لا خلاف في اعتبار كون الجارح معلّمًا؛ لأن الله تعالى يقول: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} الآية [المائدة: 4]، ولحديث عديّ بن حاتم، وأبي ثعلبة الخشنيّ - رضي الله عنهما -: "إذا أرسلت كلبك المعلّم. . ." الحديث. قال: ويُعتبر في تعليمه ثلاثة شروط: إذا أرسله استَرْسَل، وإذا زجره انزجر، وإذا أمسك لم يأكل، ويتكرّر هذا منه مرّةً أخرى، حتى يصير معلّمًا في حُكم العرف، وأقلّ ذلك ثلاث. قاله القاضي. وهو قول أبي يوسف، ومحمد، ولم يُقدّر أصحاب الشافعيّ عدد المرّات؛ لأن التقدير بالتوقيف، ولا توقيف في هذا، بل قدّره بما يصير به في العرف معلّمًا. وحُكي عن أبي حنيفة أنه إذا تكرّر مرّتين، صار معلّمًا؛ لأن التكرار يحصل بمرّتين. وقال الشريف أبو جعفر، وأبو الخطّاب: يحصل ذلك بمرّة، ولا يُعتبر التكرار؛ لأنه تعلّم صنعة، فلا يُعتبر فيه التكرار، كسائر الصنائع.

وحجة القول الأول أن تَرْكه للأكل يَحْتَمِل أن يكون لشِبَع، ويَحْتَمِل أنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015