[تنبيه]: قوله: "الشهداء خمسة" هذا الجزء من الحديث لا مناسَبة له لِمَا قبله، وإنما ساقه المصنّف - رحمه الله - مساقًا واحدًا؛ لأنه سمعه من شيخه كذلك، فلم ير أن يتصرّف فيه، والله تعالى أعلم.
(الْمَطْعُونُ) هو الذي يموت في الطاعون، وهو الوباء، كما فُسّر في الرواية الآتية: "الطاعون شهادة لكلّ مسلم"، ولم يُرِد المطعون بالسِّنان؛ لأنه المقتول في سبيل الله المذكور من جملة الخمسة (?)، وسيأتي بيان اختلاف العلماء في معنى الطاعون في المسألة الرابعة - إن شاء الله تعالى -.
(وَالْمَبْطُونُ) هو صاحب داء البطن، وهو الإسهال، قال القاضي عياض: وقيل: هو الذي به الاستسقاء، وانتفاخ البطن، وقيل: هو الذي تشتكي بطنه، وقيل: هو الذي يموت بداء بطنه مطلقًا. (وَالْغَرِقُ) - بفتح الغين المعجمة، وكسر الراء بغير ياء -، كحَذِرٍ: هو الذي يموت غَرَقًا في الماء، قال القرطبيّ: ويُروَى غَرِيق بالياء، وهو للمبالغة، كعليم. (وَصَاحِبُ الْهَدْمِ) - بفتح، فسكون - أي: الذي ينهدم عليه البيت، أو نحوه، فيموت تحت الهدم. (وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللهِ - عز وجل -")؛ أي: الذي مات في الجهاد، وقتله الكفّار.
وقال النوويّ - رحمه الله -: وفي رواية مالك في "الموطأ" من حديث جابر بن عَتِيك: "الشهداء سبعة، سوى القتل في سبيل الله - فذكر - المطعون، والمبطون، والغَرِق، وصاحب الهدم، وصاحب ذات الجَنْب، والحَرِق، والمرأة تموت بجُمع"، وفي رواية لمسلم: "مَن قُتِل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد"، وهذا الحديث الذي رواه مالك صحيح بلا خلاف، وإن كان البخاريّ ومسلم لم يُخْرجاه.
ثم ذكر معاني الخمسة التي تقدّمت، ثم قال: وصاحب ذات الجنب معروف، وهي قُرْحة تكون في الجنب باطنًا، والحريق الذي يموت بحريق النار، وأما المرأة تموت بِجُمْع، فهو بضم الجيم، وفتحها، وكسرها، والضم أشهر، قيل: التي تموت حاملًا جامعةً ولدها في بطنها، وقيل: هي البكر، والصحيح الأول.