على أن له وجهًا، وهو الازدواج، وتشكّرت له مثلُ شكَرتُ له. انتهى (?).
(فَغَفَرَ لَهُ") بالبناء للفاعل، وفي رواية لابن حبّان: "حُوسب رجل ممن كان قبلكم، فلم يوجد له من الخير إلا غُصن شوك كان على الطريق، كان يؤذي الناس، فعزله، فغُفر له"، وفي رواية له: "غُفر لرجل أخذ غُصن شوك عن طريق الناس ما تقدّم من ذنبه، وما تأخّر".
قال النوويّ - رحمه الله -: وفيه فضيلة إماطة الأذى عن الطريق، وهو كلُّ مُؤْذٍ، وهذه الإماطة أدنى شُعَب الإيمان، كما سبق الحديث في ذلك في "كتاب الإيمان".
وقوله: (وَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ) هكذا بالهاء، وهو الأصل، لكن هذا إذا كان المميَّز مذكورًا بعد العدد، وأما إذا لم يكن مذكورًا كما هنا جاز الأمران، ووقع في رواية أبي ذرّ، عن الحمويّ عند البخاريّ بلفظ: "خمس"، وفي رواية الباقين: "خمسة".
وقال الطيبيّ - رحمه الله -: فإن قلت: "خمسة" خبر المبتدأ، والمعدود هذا بيان له، فكيف يصحّ قوله في الخامس: "والشهيد في سبيل الله - عز وجل -"، فإن فيه حمل الشيء على نفسه، فكأنه قال: الشهيد هو الشهيد؟ .
أجيب بأنه من باب:
أَنَا أَبُو النَّجْمِ وَشِعْرِي شِعْرِي
وقال الكرمانيّ: الأَولى أن يقال: المراد بالشهيد: القتيل، فكأنه قال: الشهداء كذا، وكذا، والقتيل في سبيل الله. انتهى (?).
وقال في "الفتح" بعد ذكر نحو ما تقدّم: ويَحْتَمل أن يكون المراد بالشهيد في سبيل الله: المقتول، فكأنه قال: والمقتولُ، فعبَّر عنه بالشهيد، ويؤيده قوله في رواية جابر بن عَتِيك: "الشهداء سبعة، سوى القتيل في سبيل الله"، ويجوز أن يكون لفظ "الشهيد" مكرّرًا في كل واحد منها، فيكون من التفصيل بعد الإجمال، والتقدير: الشهداء خمسة: الشهيد كذا، والشهيد كذا إلى آخره. انتهى (?).