سَريّة، واستعمل عليهم رجلًا من الأنصار، وأمرهم أن يُطيعوه، فأغضبوه في شيء، فغضب عليهم، فقال: اجمعوا لي حطبًا، فجمعوا له، ثمّ قال: أوقدوا نارًا، فأوقدوا، ثمّ قال: ألم يأمركم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن تسمعوا لي، وتُطيعوا؟ قالوا: بلي، قال: فادخلوها" الحديث، وفي رواية للبخاري: "فقال: عزمت عليكم لَمَا جمعتم حطبًا، وأوقدتم نارًا، ثم دخلتم".
وهذا يخالف حديث أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه -، فإن فيه: "فأوقد القوم نارًا؛ ليصنعوا عليها صنيعًا لهم، أو يصطلون، فقال لهم: أليس عليكم السمع والطاعة؟ قالوا: بلى، قال: أعزم عليكم بحقّي، وطاعتي لَمَا تواثبتم في هذه النار"، ويُجمع بتعدّد القصّة، كما سبق ترجيحه، فتنبّه.
(فَأَرَادَ نَاسٌ أَنْ يَدْخُلُوهَا) وفي رواية البخاريّ: "فهمّوا، وجعل بعضهم يُمسك بعضًا"، وفي رواية: "فلمّا همّوا بالدخول فيها، فقاموا ينظر بعضهم إلى بعض"، وفي رواية عند ابن جرير: "فقال لهم شابّ منهم: لا تعجلوا بدخولها"، (وَقَالَ الآخَرُونَ: إِنَّا قَدْ فَرَرْنَا مِنْهَا) وفي بعض النسخ": "إنما فررنا منها"؛ أي: من النار بالإيمان، فكيف ندخلها؟ ، وزاد في الرواية الآتية: "فكانوا كذلك، وسكن غضبه، وطُفئت النار"، وفي رواية البخاريّ: "فما زالوا حتى خَمَدت النار، فسكن غضبه"، وفي رواية: "فبينما هم كذلك إذ خمدت النار". و"خَمَد" بفتح الميم (?)، وحَكَى المطرّزيّ كسرها؛ أي: طَفِيء لهبها.
وقوله: "وسكن غضبه" هذا أيضًا يخالف حديث أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه -، (?) فإن فيه: "أنه كانت به دُعَابة، وفيه أنهم تحجّزوا حتى ظنّ