بالعدل، تقدّم في هذه الآية إلى الرعية، فأمر بطاعته أَوّلًا، وهي امتثال أوامره، واجتناب نواهيه، ثم بطاعة رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثانيًا، فيما أَمَر به، ونَهَى عنه، ثم بطاعة الأمراء ثالثًا، على قول الجمهور، وأبي هريرة، وابن عباس، وغيرهم.

قال سهل بن عبد الله التستريّ: أطيعوا السلطان في سبعة: ضَرْب الدراهم والدنانير، والمكاييل والأوزان، والأحكام، والحجّ، والجمعة، والعيدين، والجهاد.

قال سهل: وإذا نَهَى السلطان العالم أن يفتي فليس له أن يفتي، فإن أفتى فهو عاص، وإن كان أميرًا جائرًا.

وقال ابن خويز منداد: وأما طاعة السلطان فتجب فيما كان لله فيه طاعة، ولا تجب فيما كان لله فيه معصية، ولذلك قلنا: إن وُلاة زماننا لا تجوز طاعتهم ولا معاونتهم، ولا تعظيمهم، ويجب الغزو معهم متى غزوا، والحكم من قبلهم، وتولية الإمامة والحسبة، وإقامة ذلك على وجه الشريعة.

وإن صلّوا بنا وكانوا فَسَقَةً من جهة المعاصي جازت الصلاة معهم، وإن كانوا مبتدِعة لَمْ تجز الصلاة معهم إلَّا أن يُخَافوا، فيصلي معهم تقيّةً، وتعاد الصلاة.

ورُوي عن عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال: حقّ على الإمام أن يحكم بالعدل، ويؤدي الأمانة، فإذا فعل ذلك وجب على المسلمين أن يطيعوه؛ لأنَّ الله تعالى أمرنا بأداء الأمانة والعدل، ثم أمر بطاعته.

وقال جابر بن عبد الله، ومجاهد: "أولو الأمر" أهل القرآن والعلم، وهو اختيار مالك - رَحِمَهُ اللهُ -، ونحوه قول الضحاك، قال: يعني الفقهاء، والعلماء في الدِّين.

وحُكي عن مجاهد أنهم أصحاب محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خاصة.

وحُكي عن عكرمة أنَّها إشارة إلى أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - بخاصة.

وروى سفيان بن عيينة عن الحكم بن أبان أنه سأل عكرمة عن أمهات الأولاد، فقال: هنّ حرائر، فقلت: بأي شيء؟ قال: بالقرآن، قلت: بأيّ شيء في القرآن؟ قال: قال الله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ}، وكان عُمَر من أولي الأمر، قال: عَتَقت ولو بِسَقْط.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015