(المسألة الخامسة): قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قال العلماء: المراد بأولي الأمر: مَنْ أوجب الله تعالى طاعته، من الولاة، والأمراء، هذا قول جماهير السلف والخلف، من المفسّرين، والفقهاء، وغيرهم، وقيل: هم العلماء، وقيل: الأمراء والعلماء، وأما من قال: هم الصحابة خاصّة فقط فقد أخطأ. انتهى (?).

وقال في "الفتح": اختُلِف في المراد بأولي الأمر في الآية، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: هم الأمراء، أخرجه الطبريّ بإسناد صحيح، وأخرج عن ميمون بن مِهْران وغيره نحوه، وعن جابر بن عبد الله، قال: هم أهل العلم والخير، وعن مجاهد، وعطاء، والحسن، وأبي العالية: هم العلماء، ومن وجه آخر أصحّ منه عن مجاهد، قال: هم الصحابة - رضي الله عنه -، وهذا أخصّ، وعن عكرمة قال: أبو بكر، وعمر، وهذا أخصّ من الذي قبله، ورجّح الشافعيّ الأول، واحتَجّ له بأن قريشًا كانوا لا يَعرفون الإمارة، ولا ينقادون إلى أمير، فأُمروا بالطاعة لمن وَلي الأمر، ولذلك قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من أطاع أميري فقد أطاعني"، متّفقٌ عليه، وقال ابن عيينة: سألت زيد بن أسلم عنها، ولم يكن بالمدينة أحد يفسّر القرآن بعد محمد بن كعب مثله، فقال: اقرأ ما قبلها تعرف، فقرأت: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} الآية [النساء: 58]، فقال: هذه في الولاة، واختار الطبريّ حملها على العموم، وإن نزلت في سبب خاصّ، والله أعلم (?).

قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن ما رجّحه الطبريّ - رَحِمَهُ اللهُ - من حَمْل الآية على العموم هو الأرجح؛ لأنَّ العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب، والله تعالى أعلم.

وقال أبو عبد الله القرطبيّ المفسّر - رَحِمَهُ اللهُ - في "تفسيره": لَمّا تقدّم إلى الولاة في الآية المتقدمة (?) وبدأ بهم، فأمَرهم بأداء الأمانات، وأن يحكموا بين الناس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015