أصحاب السنن، وصححه ابن حبان، وغيره -: "الخلافة بعدي ثلاثون سنةً، ثم تكون مُلكًا"؛ لأنَّ الثلاثين سنة لَمْ يكن فيها إلَّا الخلفاء الأربعة، وأيام الحسن بن عليّ.

والثاني: أنه وَليَ الخلافة أكثر من هذا العدد.

قال: والجواب عن الأول أنه أراد في حديث سفينة خلافة النبوة، ولم يقيّده في حديث جابر بن سمرة بذلك، وعن الثاني: أنه لَمْ يقل: لا يلي إلَّا اثنا عشر، وإنما قال: "يكون اثنا عشر"، وقد وَليَ هذا العدد، ولا يمنع ذلك الزيادة عليهم، قال: وهذا إن جُعل اللفظ واقعًا على كلّ من وَليَ، وإلا فيَحْتَمِل أن يكون المراد مَن يستحق الخلافة، من أئمة العدل، وقد مضى منهم الخلفاء الأربعة، ولا بُدّ من تمام العدة قبل قيام الساعة، وقد قيل: إنهم يكونون في زمن واحد، يفترق الناس عليهم، وقد وقع في المائة الخامسة في الأندلس وحدها ستة أنفس، كلهم يتسمى بالخلافة، ومعهم صاحب مصر، والعباسية ببغداد إلى من كان يَدَّعِي الخلافة في أقطار الأرض من بلاد البرابر، وخراسان، من العلوية، والخوارج، وغيرهم، قال: ويعضد هذا التأويل قوله في حديث آخر في مسلم: "ستكون خلفاء، فيَكْثُرون"، قال: ويَحْتَمِل أن يكون المراد: أن يكون الاثنا عشر في مدّة عزة الخلافة، وقوَّة الإسلام، واستقامة أموره، والاجتماع على من يقوم بالخلافة، ويؤيده قوله في بعض الطرق: "كلّهم تجتمع عليه الأمة"، وهذا قد وُجد فيمن اجتمع عليه الناس إلى أن اضطرب أمر بني أمية، ووقعت بينهم الفتنة زمن الوليد بن يزيد، فاتَّصَلت فُتُونهم إلى أن قامت الدولة العباسية، فاستأصلوا أمرهم، وهذا العدد موجود صحيح، إذا اعتُبِر.

قال: وقد يَحْتَمِل وجوهًا أُخَر، والله أعلم بمراد نبته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيها. انتهى (?).

قال الحافظ: والاحتمال الذي قبل هذا، وهو اجتماع اثني عشر في عصر واحد كلهم يطلب الخلافة، هو الذي اختاره المهلّب، كما تقدم، وقد ذكرت وجه الردّ عليه، ولو لَمْ يَرِدْ إلَّا قوله "كلهم يجتمع عليه الناس"، فإن في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015