وجودهم في عصر واحد يوجِد عين الافتراق، فلا يصحّ أن يكون المرادَ، ويؤيد ما وقع عند أبي داود، ما أخرجه أحمد، والبزار، من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -، بسند حسن: "أنه سئل: كم يملك هذه الأمة من خليفة؟ فقال: سألنا عنها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: اثنا عشر، كعِدّة نقباء بني إسرائيل".

وقال ابن الجوزيّ في "كشف المشكل" (?): قد أطلت البحث عن معنى هذا الحديث، وتطلّبت مظانّه، وسالت عنه، فلم أقع على المقصود به؛ لأنَّ ألفاظه مختلفة، ولا أشك أن التخليط فيها من الرواة، ثم وقع لي فيه شيء وجدت الخطابيّ بعد ذلك قد أشار إليه، ثم وجدت كلامًا لأبي الحسين بن المنادي، وكلامًا لغيره.

فأما الوجه الأول، فإنه أشار إلى ما يكون بعده، وبعد أصحابه، وأن حُكم أصحابه مرتبط بحُكمه، فأخبر عن الولايات الواقعة بعدهم، فكأنه أشار بذلك إلى عدد الخلفاء من بني أمية، وكأن قوله: "لا يزال الدين -؛ أي: الولاية - إلى أن يلي اثنا عشر خليفة"، ثم ينتقل إلى صفة أخرى أشدّ من الأُولى، وأول بني أمية يزيد بن معاوية، وأَخرهم مروان الحمار، وعدّتهم ثلاثة عشر، ولا يُعَدّ عثمان، ومعاوية، ولا ابن الزبير؛ لكونهم صحابةً، فإذا أسقطنا منهم مروان بن الحكم؛ للاختلاف في ححبته، أو لأنه كان متغلِّبًا بعد أن اجتمع الناس على عبد الله بن الزبير، صحت العدّة، وعند خروج الخلافة من بني أمية، وقعت الفتن العظيمة، والملاحم الكثيرة، حتى استقرّت دولة بني العباس، فتغيرت الأحوال عمّا كانت عليه تغيّرًا بيّنًا، قال: ويؤيد هذا ما أخرجه أبو داود، من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - رفعه: "تدور رَحَى الإسلام لخمس وثلاثين، أو ست وثلاثين، أو سبع وثلاثين، فإن هلكوا فسبيل من هلك، وإن يَقُمْ لهم دِينهم يَقُمْ لهم سبعين عامًا"، زاد الطبرانيّ، والخطابيّ: "فقالوا: سوى ما مضى؟ قال: نعم"، قال الخطابيّ: رَحَى الإسلام كناية عن الحرب، شَبّهها بالرحى التي تَطحن الحبّ؛ لِمَا يكون فيها من تلف الأرواح، والمراد بالدِّين في قوله: "يقم لهم دينهم" المُلك، قال: فيُشبه أن يكون إشارةً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015