سنة، وكانت مدة بني عبيد بمصر سوى ما تقدم لهم بالمغرب تزيد على مائتي سنة، وادَّعَى الخلافة عبد المؤمن صاحب ابن تومرت، وليس بقرشيّ، وكذلك كل من جاء بعده بالمغرب إلى اليوم.
والجواب عنه: أما عن بني عبيد، فإنهم كانوا يقولون: إنهم من ذرية الحسين بن عليّ، ولم يبايعوه إلا على هذا الوصف، والذين أثبتوا نسبتهم ليسوا بدون من نفاه، وأما سائر من ذُكِر، ومن لم يُذكَر فهم من المتغلِّبين، وحكمهم حكم البغاة، فلا عبرة بهم.
وقال القرطبيّ: هذا الحديث خبر عن المشروعية؛ أي: لا تنعقد الإمامة الكبرى إلا لقرشيّ مهما وُجد منهم أحد، وكانه جنح إلى أنه خبر بمعنى الأمر.
وقد ورد الأمر بذلك في حديث جبير بن مطعم، رفعه: "قَدِّموا قريشًا، ولا تَقَدّموها"، أخرجه البيهقيّ، وعند الطبرانيّ من حديث عبد الله بن حنطب، ومن حديث عبد الله بن السائب مثله، وفي نسخة أبي اليمان، عن شعيب، عن أبي هريرة، وعن أبي بكر بن سليمان بن أبي حَثْمة مرسلًا أنه بلغه مثله، وأخرجه الشافعيّ من وجه آخر، عن ابن شهاب، أنه بلغه مثله.
وفي الباب حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - رفعه: "الناس تَبَعٌ لقريش في هذا الشأن"، أخرجاه في "الصحيحين"، من رواية المغيرة بن عبد الرحمن، ومسلم أيضًا من رواية سفيان بن عيينة، كلاهما عن الأعرج، عن أبي هريرة، وأخرجه مسلم أيضًا من رواية همام، عن أبي هريرة، ولأحمد من رواية أبي سلمة، عن أبي هريرة مثله، لكن قال: "في هذا الأمر"، وشاهده عند مسلم، عن جابر، كالأول، وعند الطبراني من حديث سهل بن سعد، وعند أحمد، وابن أبي شيبة من حديث معاوية، وعند البزار من حديث عليّ، وأخرج أحمد من طريق عبد الله بن أبي الْهُزيل، قال: لَمّا قَدِم معاوية الكوفة قال رجل من بكر بن وائل: لئن لم تنته قريش لنجعلنّ هذا الأمر في جمهور من جماهير العرب غيرهم، فقال عمرو بن العاص: كذبت، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "قريش قادة الناس".
قال ابن المنير: وجه الدلالة من الحديث ليس من جهة تخصيص قريش بالذِّكر، فإنه يكون مفهوم لَقَب، ولا حجة فيه عند المحققين، وإنما الحجة