بمالك، واسْتَفْتَاهُ، ومالك ليس بقرشيٍّ، وإنما هو أَصْبَحيٌّ صَرِيْحًا، وأيضًا: فإنَّه لم يُرْوَ عنه أنه مَنَع من تقليد مَنْ ليس بقرشي، فدلَّ هذا كُلُّه على أن الْمُسْتَدلَّ بذلك الحديث على تقديم مذهب الشافعيّ صَحِبَتْهُ غَفْلَةٌ، قارَنَها من تَصْمِيم التَّقْليد طَيْشَةٌ، وربما رووا ألفاظًا رفعوها؛ كقوله: "تَعَلَّمُوا من قريش، ولا تُعَلِّمُوها"، وذلك لا يصحُّ نَقْلًا، ولا معنىً؛ بما تقدَّم، والله أعلم. انتهى كلام القرطبيّ - رحمه الله -، وهو بحث حسن، وقد تقدّم البحث فيه قريبًا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن عمر - صلى الله عليه وسلم - هذا متّفق عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [1/ 4696] (1820)، و (البخاريّ) في "المناقب" (2195) و"الأحكام" (7140)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (12/ 171)، و (الطيالسيّ) في "مسنده" (1956)، و (أحمد) في "مسنده" (2/ 29 و 93 و 128)، و (أبو القاسم البغويّ) في "الجعديّات" (2195)، و (أبو يعلى) في "مسنده" (5589)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (6266 و 6655)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (4/ 355 و 368 و 369)، و (ابن الجعد) في "مسنده" (1/ 311)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (8/ 141) و"شعب الإيمان" (6/ 7)، و (أبو محمد البغويّ) في "شرح السُّنّة" (3848)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): قال في "الفتح": قوله: "ما بَقِيَ منهم اثنان": قال ابن هُبيرة: يَحْتَمِل أن يكون على ظاهره، وأنهم لا يبقى منهم في آخر الزمان إلا اثنان: أمير، ومؤمَّر عليه، والناس لهم تبَعٌ.

قال الحافظ: في رواية مسلم عن شيخ البخاريّ في هذا الحديث: "ما بقي من الناس اثنان"، وفي رواية الإسماعيليّ: "ما بقي في الناس اثنان، وأشار بإصبعيه: السبابة، والوسطى"، وليس المراد حقيقةَ العدد، وإنما المراد به: انتفاء أن يكون الأمر في غير قريش.

ويَحْتَمِل أن يُحمل المطلَق على المقيَّد في الحديث الأول، ويكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015