الإمام من مال لا مالكَ له بعينه، فإن لم يفعل أعطاهم من سهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقال في موضع آخر: يُرضخ للمشركين، إذا قاتلوا مع المسلمين. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن الأرجح في هذه المسألة التفصيل، وهو أن الأمر يرجع إلى رأي الإمام، فإن رأى المصلحة في الاستعانة بغير المسلمين بأن اضطرّ المسلمون إلى ذلك، ولا يترتّب على ذلك ضرر يلحق المسلمين، فلا بأس، وإلا فلا.
ودليل ذلك ما تقدّم أنه - صلى الله عليه وسلم - استعان بيهود خيبر، وكذلك قصّة صفوان بن أمية، فإنه شَهِد حُنينًا، والطائف، وهو مشرك، وحديث: "إن الله ليؤيّد هذا الدِّين بالرجل الفاجر"، متّفقٌ عليه، قاله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك المنافق الذي نحر نفسه لمّا اشتدّت به الجراحة، والقصّة مشهورة.
وما أخرجه أبو داود وغيره، وصححه ابن حبّان عن ذي مخبر ابن أخي النجاشيّ، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ستصالحون الروم صلحًا آمنًا، حتى تغزوا أنتم وهم عدوًّا من ورائهم، فتُنصرون، وتَسلَمون، وتَغنَمون ... " الحديث.
والحاصل أن حكم الاستعانة بغير المسلمين موكول إلى رأي الإمام والمسلمين، فإن رأوا مصلحة جاز، وإلا فلا؛ لهذه الأدلّة المذكورة.
وأما حديث الباب، فإنه متقدّم على هذه الأحاديث كلها، فيَحْتَمِل النَّسخ، أو يكون خاصًّا بتلك الواقعة؛ لِمَا رجا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من إسلام ذلك المشرك، وقد وقع كذلك، فلا يكون معارضًا لهذه الأحاديث المبيحة، فتأمله بالإنصاف، والله تعالى أعلم بالصواب.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
***