عوانة) في "مسنده" (4/ 339)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (9/ 36، 37)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم في جواز الاستعانة بالمشركين: وقال القرطبيّ - رحمه الله -: بظاهر هذا الحديث قال كافة العلماء؛ مالك وغيره، فكرهوا الاستعانة بالمشركين في الحرب، وقال مالك، وأصحابه: لا بأس أن يكونوا نواتيةً (?)، وخُدَّامًا.

واختُلِف في استعمالهم بِرَمْيهم بالمجانيق، فأُجيز وكُرِه، وأجاز ابن حبيب: أن يُستعمَل من سَالَمَ منهمٍ في قتال من حارب منهم، وقال بعض علمائنا بجواز ذلك، ويكونون ناحية مِنْ عَسْكَر المسلمين، وقالوا: إنما قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك في وقت مخصوص، لرجل مخصوص، لا على العموم، وظاهر الحديث حجَّة عليهم، ثم إذا قلنا: يُستعان بهم، فهل يُسهم لهم أو لا؟ قولان، وإلى الأول ذهب الزهريّ، والأوزاعيّ، وإلى الثاني ذهب مالك، والشافعيّ، وأبو حنيفة، وأبو ثور، وقال الشافعيّ مرة: لا يُعطَون من الفيء شيئًا، ويعطون من سهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقال قتادة: لهم ما صالحوا عليه. انتهى (?).

وقال ابن عبد البرّ - رحمه الله -: قال مالك - رحمه الله -: لا أرى أن يستعان بالمشركين على قتال المشركين، إلا أن يكونوا خَدَمًا، أو نواتية، وقال الشافعيّ، والثوريّ، والأوزاعيّ، وأبو حنيفة، وأصحابهم: لا بأس بالاستعانة بأهل الشرك على قتال المشركين، إذا كان حُكم الإسلام هو الغالب عليهم، وإنما تُكره الاستعانة بهم إذا كان حُكم الشرك هو الظاهر، وقد رُوي أنه لمّا بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جَمْع أبي سفيان للخروج إليه يوم أُحد، انطلق، وبعث إلى بني النضير، وهم يهود، فقال لهم: إما قاتلتم معنا، وإما أعرتمونا سلاحًا.

قال ابن عبد البرّ: هذا قول يَحْتَمِل أن يكون لضرورة دعته إلى ذلك.

وقال الثوريّ، والأوزاعيّ: إذا استُعين بأهل الذمة أُسهم لهم، وقال أبو حنيفة، وأصحابه: لا يُسهَم لهم، ولكن يُرْضَخ، وقال الشافعيّ: يستأجرهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015