وأتعبوهما، حتى أسقطوهما، وتركوهما، ومنه الْمُتَرَدِّيةُ، وأَرْدَتِ الخيلُ الفارسَ: أسقطته. انتهى (?).

وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: قوله: "وأرذوا فرسين"، روايتي فيه بالذال المعجمة، ومعناه: تركوا فرسين مَعِيبين لم يقدرا على النهوض، من الضعف والْكَلال، والرَّذِيّة: المعيبة، وجَمْعها: رَذَايا، ومنه قول الشاعر [من الطويل]:

.......................... ... فَهُنَّ رَذَايَا فِي الطَّرِيقِ وَدَائِعُ

وقد رُوي بالدال المهملة: "أردوا"؛ أي: تركوهما هلكى، من الرَّدَى، وهو الهلاك، والأول أوجه؛ لأنه قال: "فأقبلت بهما أسوقهما"، فدل على أنهما لم يهلكا، وإنما ثَقُلا كَلالًا، وإعياءً. انتهى (?).

(قَالَ) سلمة (فَجِئْتُ بِهِمَا)؛ أي: بالفرسين، (أَسُوقُهُمَا اِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ) سلمة (وَلَحِقَنِي) بكسر الحاء، (عَامِرٌ) ابن الأكوع، وهو عمّه، (بِسَطِيحَةٍ) - بفتح السين، وكسر الطاء المهملتين -: إناء من جلود سُطح بعضها على بعض، (فِيهَا)؛ أي: في تلك السطيحة، (مَذْقَةٌ مِنْ لَبَنٍ) "الْمَذْقَة" - بفتح الميم، وإسكان الذال المعجمة: القليل من اللبن الممزوج بماء، (وَسَطِيحَةٍ فِيهَا مَاءٌ، فَتَوَضَّأْتُ)؛ أي: بالماء (وَشَرِبْتُ)؛ أي: من اللبن الممزوج بالماء. (ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) وقوله: (وَهُوَ عَلَى الْمَاءِ) جملة حاليّة من رسول الله؛ أي: والحال أنه - صلى الله عليه وسلم - جالس على الماء (الَّذِي حَلْالهُمْ عَنْهُ)، أي: أجليتهم، وطردتهم عن ذلك الماء، قال النوويّ رحمهُ اللهُ: كذا هو في أكثر النسخ: "حَلأتهم" بالحاء المهملة، والهمز، وفي بعضها: "حلّيتهم عنه" بلام مشدّدة، غير مهموز، وقد سبق بيانه قريبًا. (فَإِذَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) تقدّم أن "إذا" هي الفجائيّة، (قَدْ أَخَذَ تِلْكَ الإِبِلَ)؛ أي: التي استنقذها سلمة من أيدي المشركين الذين أغاروا عليها، (وَكُلَّ شَيْءٍ) بالنصب عطفًا على "تلك"، (اسْتَنْقَذْتُهُ)؛ أي: خلّصته (مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَكُلَّ رُمْحٍ وَبُرْدَةٍ) بنصب "كلَّ" أيضًا كسابقه، (وَإِذَا بِلَالٌ نَحَرَ نَاقَةً مِنَ الإِبِلِ الَّتِي اسْتَنْقَذْتُ مِنَ الْقَوْمِ) كذا في النسخة الهنديّة بلفظ "التي"، وهو الصواب، ووقع في أكثر النسخ: بلفظ: "الذي" بدل "التي"، قال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015