غيره، شَهِدَ أُحُدًا وما بعده، ولم يصحّ شُهُوده بدرًا، ومات في السنة (48) تقدّمت ترجمته في "الطهارة" 18/ 619.
(وَعَلَى إِثْرِهِ)؛ أي: بعد أبي قتادة (الْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ الْكِنْدِيُّ) هو: المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة الْبَهرانيّ، ثم الكنديّ، ثم الزهرانيّ، حالف أبوه كِنْدة، وتبنّاه الأسود بن عبد يغوث الزهري، فنُسب إليه، صحابيّ مشهور، من السابقين إلى الإسلام، لم يثبُت أنه كان ببدر فارس غيره، مات - رضي الله عنه - سنة (33) وهو ابن (70) سنةً، تقدّمت ترجمته في "الإيمان" 43/ 281.
(قَالَ) سلمة (فَأَخَذْتُ بِعِنَانِ الأَخْرَم)؛ أي: بعنان فرسه، وهو - بكسر العين المهملة، وتخفيف النون -: سَيْرُ اللِّجَام الّذي تُمْسك به الدابّةُ، جَمْعه: أَعِنَّةٌ، وعُنُنٌ (?).
وأما الْعَنَان بفتح العين، فهو السحاب وزنًا ومعنًى، ولا يُناسب هنا.
وإنما أخذ سلمة بعنان فرس الأخرم، ليحبسه عن اتّباع المشركين وحده إلى أن يلحق به النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم -.
(قَالَ) سلمة (فَوَلَّوْا مُدْبرِينَ) حال مؤكّد لعامله، كما في قوله تعالى: {وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (60)} [البقرة: 60]. قال في "الخلاصة":
وَعَامِلُ الْحَالِ بِهَا قَدْ أُكِّدَا ... فِي نَحْوِ "لَا تَعْثُ فِي الأَرْضِ مُفْسِدَا"
(قُلْتُ: يَا أَخْرَمُ احْذَرْهُمْ)، وقوله: (لَا يَقْتَطِعُوكَ)؛ أي: لا يأخذوك، وينفردوا بك، فيفصلوك عن أصحابك، وَيحُولوا بينك وبينهم، فقوله: "لا يقتطعوك" مجزوم بالطلب قبله، واختُلف في جازمه، والأصحّ أنه بشرط مقدّر؛ أي: إن تحذرهم لا يقتطعوك. (حَتَّى يَلْحَقَ) من باب تَعِب، (رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ، قَالَ) الأخرم (يَا سَلَمَةُ إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ باللهِ وَالْيَوْمِ الآخِر، وَتَعْلَمُ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَالنَّارَ حَقٌّ، فَلَا تَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ)؛ أي: اتركني وحدي أقاتلهم حتى يقتلوني، وأُستشهد على أيديهم، وفيه ما كان عليه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إيثارهم الآخرة على الدنيا، وتَبادُرهم إلى الشهادة في سبيل الله عزَّ وجلَّ، واستهانتهم بالحياة الدنيا، وكأن الجنّة ونعيمها بمرأى من