أعينهم، وكأن هذه الدنيا سجنٌ، يُحبّون الفرار منه رضي الله عنهم أجمعين. (قَالَ) سلمة (فَخَلَّيْتُهُ)؟ أي: خليت سبيله حتى ينال ما أراده، (فَالْتَقَى هُوَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ) الفزاريّ. (قَالَ) سلمة (فَعَقَرَ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ فَرَسَهُ)؛ أي: جرح الأخرمُ الأسديّ فرسَ عبد الرحمن الفزاريّ، وضرب قوائمه، يقال: عَقَرَه عقْرًا، من باب ضرب: جرحه، وعَقَرَ البعيرَ بالسيف عَقْرًا: ضَرَب قوائمه به، لا يُطلق الْعَقْرُ في غير القوائم، قاله الفيّوميّ (?). (وَطَعَنَهُ)؛ أي: الأخرمَ الأسديَّ (عَبْدُ الرَّحْمَنِ) الفزاريّ، فـ "عبد الرحمن" مرفوع على الفاعليّة لـ"طَعَنَ"، (فَقَتَلَهُ)؛ يعني أن عبد الرحمن الفزاريّ قتل الأخرم الأسديّ بعدما عقَر الأسديُّ فرسه، (وَتَحَوَّلَ) عبدُ الرحمن (عَلَى فَرَسِهِ)؛ أي: فرس الأخرم، (وَلَحِقَ) بكسر الحاء المهملة، (أَبُو قَتَادَةَ) مرفوع على الفاعليّة، وقوله: (فَارِسُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) نعت لـ (أَبُو قَتَادَةَ)، (بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ) الفزاريّ (فَطَعَنَهُ)؛ أي: طعن أبو قتادة الفزاريَّ (فَقَتَلَهُ، فَوَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - لَتَبِعْتُهُمْ) بفتح اللام، وهي الداخلة على جواب القسم، كقوله تعالى: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} [الأنبياء: 57]، وقوله: (أَعْدُو عَلَى رِجْلَيَّ) جملة في محلّ نصب على الحال؛ أي: حال كوني مسرعًا في المشي، قال الفيّوميّ رحمهُ اللهُ: عدا في مشيه يَعْدو عَدْوًا، من باب قال: قارب الْهَرْوَلةَ، وهو دون الْجَرْيِ. انتهى (?). (حَتَّى مَا) نافيةٌ، (أَرَى وَرَائِي مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وَلَا غُبَارِهِمْ)؛ أي: وما أرى من الغبار الذي تثيره دوابّهم (شَيْئًا) أراد بذلك أنه أمعن في شدّة عَدْوه، وملاحقته المشركين، والجري خلفهم إلى أن بعُد عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بُعْدًا شاسعًا بحيث إنه لا يرى منهم أحدًا، ولا من غبارهم شيئًا، وقوله: (حَتَّى يَعْدِلُوا) غاية لمتابعته لهم، (قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى شِعْبٍ) - بكسر الشين المعجمة، وسكون العين المهملة -: الطريق، وقيل: الطريق في الجبل، والجمع: شِعابٌ (?). (فِيهِ)؛ أي: في ذلك الشِّعْب (مَاءٌ، يُقَالُ لَهُ ذُو قَرَدٍ) - بفتحتين - تقدّم أنه موضع قرب المدينة النبويّة - على ساكنها أفضل الصلاة، وأزكى التحيّة - (لِيَشْرَبُوا) متعلّق