أي: فلا تظنّي غيره واقعًا.
وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: وقوله: "أنا أظنُّ"؛ أي: أتيقَّن، كما قال تعالى: {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20)} [الحاقة: 20]؛ أي: تحققت، وأيقنت، ويَحْتَمِل البقاء على أصل الظنّ الذي هو تغليب لأحد المحتملين، وقد اقتُصِر عليها، ولم يُذكر لها هنا مفعول، ويَحْتَمِل أن يكون حَذَف مفعولها؛ للعِلم به، وهو: "ذاك" الذي هو إشارة إلى المصدر الذي يُكْتَفى به عن المفعولين، كما تقول: ظننت ذاك، والله أعلم. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: الأقرب ما قدّمته من تقدير المفعولين بقولي؛ أي: أظنّ ذاك واقعًا، والله تعالى أعلم.
(قَالَ) سلمة (فَرَجَعُوا)؛ أي: رجع الأربعة الذين صَعِدوا إليه خوفًا منه لمّا علموا شجاعته، (فَمَا بَرِحْتُ مَكَانِي) بكسر الراء، من تَعِبَ؛ أي: لم أزل، ولم أنتقل من مكاني الذي كنت فيه إلى مكان آخر، (حَتَّى رَأَيْتُ فَوَارِسَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) تقدّم أنه جمع فارس، وهو من شواذ الجمع. (يَتَخَلَّلُونَ الشَّجَرَ)؛ أي: يمرّون من خلالها، والخلال: جمع خَلَل بفتحتين، وهو الفرجة بين الشيئين. (قَالَ) سلمة (فَإِذَا أَوَّلُهُمُ الأَخْرَمُ الأَسَدِيُّ) "إذا" تقدّم قريبًا أنها للمفاجأة.
و"الأخرم الأسديّ" هذا هو: مُحرز بن نَضْلَة بن عبد الله بن مُرَّة بن كثير بن غَنْم بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسديّ، أبو نضلة، ويُعرف بالأخرم، ذَكَره موسى بن عقبة، وابن إسحاق، وغيرهما فيمن شَهِدَ بدرًا، قال في "الإصابة": وثَبَت ذِكْره في حديث سلمة بن الأكوع الطويل عند مسلم، وفيه: "فما بَرِحت مكاني، حتى رأيت فوارس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخللون الشجر، فإذا أولهم الأخرم الأسديّ، وعلى أثره أبو قتادة"، فساق القصّة، كما هنا (?).
(عَلَى إِثْرِهِ) بفتحتين، أو بكسر، فسكون، والجاز والمجرور خبر مقدّم لقوله: (أَبُو قَتَادَةَ الأَنْصَارِيُّ) هو الحارث بن رِبْعيّ بن بُلْدُمة، وقيل في اسمه