وقال القرطبيُّ رحمهُ اللهُ: وقد اختُلف في سبب نزول قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} الآية على أقوال، هذا - يعني: في مسلم - أحدها، وهو أصحّها. انتهى (?).
(قَالَ: ثُمَّ خَرَجْنَا رَاجِعِينَ إِلَى الْمَدِينَة، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَنِي لَحْيَانَ) بكسر اللام، وفتحها لغتان: قبيلة يُنسبون إلى لحيان بن هُذيل بن مُدركة بن إلياس بن مضر (?). (جَبَلٌ)؛ يعني: أنهم نزلوا منزلًا قريبًا من بني لحيان، بحيث لا يحول بينهم إلا جبل واحد، (وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ) قال النوويّ رحمهُ اللهُ: هذه اللفظة ضبطوها بوجهين، ذكرهما القاضي عياضٌ وغيره: أحدهما: "وهُمُ المشركون" بضم الهاء على الابتداء والخبر، والثاني: بفتح الهاء، وتشديد الميم؛ أي: هَمُّوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابَه، وخافوا غائلتهم؛ لِقُربهم منهم، يقال: هَمَّني الأمر، وأهمّني بمعنًى، وقيل: هَمَّني: أَذَابَنِي، وأهمّني: أَغَمّني. انتهى (?).
وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: قوله: "وَهُم المشركون" بضم الهاء، وتخفيف الميم، وهي ضمير الجمع، وقد ضبطه بعض الشيوخ: "وهَمَّ" - بفتح الهاء، وتشديد الميم؛ على أنه فعل ماض، و"المشركون" فاعل به، قال عياض: معناه: هَمَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين أمرُهُم؛ لئلا يَغْدِروا بهم، ويبَيِّتوهم؛ لقربهم منهم، يقال: هَمَّني الأمر، وأهمّني، ويقال: هفَني: أذابني، وأهمَّني: غَمَّني.
قال القرطبيّ: والأقرب أن يكون معناه: هَمَّ المشركون بالغدر، واستَشْعَر المسلمون منهم بذلك. انتهى (?).
(فَاسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِمَنْ رَقِيَ) بكسر القاف، من باب تَعِبَ، وقوله: (هَذَا الْجَبَلَ) منصوب على المفعوليّة؛ لأن "رقِيَ" يتعدّى بنفسه، يقال: راقيتُ السطح، والجبلْ إذا عَلَوْتُه، ويتعدّى أيضًا بـ "في"، فيقال: رَقِيتُ في السلّم (?)، وقوله: (اللَّيْلَةَ) منصوب على الظرفيّة، متعلّق بـ "رقِيَ". (كَأَنَّهُ طَلِيعَةٌ