إلى معان، ومقدار هذا ست مراحل، فأما ما بين هذين الطرفين من الشام، فلا يكاد يزيد عرضه موضعًا من الأردنّ، ودمشق، وحمص، على أكثر من ثلاثة أيام، وقال الملك المؤيد: وقد عَدّ ابن حوقل ملطية من جملة بلاد الشام، وابن خرداذية جعلها من الثغور الجزيرية، والصحيح أنها من الروم.
ودخله النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قبل النبوة وبعدها، ودخله أيضًا عشرة آلاف صحابيّ، قاله ابن عساكر في "تاريخه"، وقال الكرمانيّ دخله نبيّنا مرتين قبل النبوة: مرة مع عمه أبي طالب، وهو ابن ثنتي عشرة سنة، حتى بلغ بُصْرَى، وهو حين لقيه الراهب، والتمس الردّ إلى مكة، ومرة في تجارة خديجة - رضي الله عنهما - إلى سوق بُصْرَى، وهو ابن خمس وعشرين سنة، ومرتين بعد النبوة: إحداهما ليلة الإسراء، وهو من مكة، والثانية في غزوة تبوك، وهو من المدينة. انتهى (?).
(إِذْ جِيءَ بِكِتَابٍ مِنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَى هِرَقْلَ) - بكسر الهاء، وفتح الراء - على المشهور، وحَكَى جماعة إسكان الراء، وكسر القاف، كخِنْدِف، منهم الجوهريّ، ولم يذكر القزاز غيره، وكذا صاحب "المرغب"، ولمّا أنشد صاحب "المحكم" بيت لبيد بن ربيعة [من الكامل]:
غَلَبَ اللَّيَالِي خَلْفَ آلِ مُحَرِّقٍ ... وَكَمَا فَعَلْنَ بِتُبَّعٍ وَبِهِرْقِلِ
بكسر الهاء، وسكون الراء، قال: أراد هِرَقْلًا بفتح الراء، فاضطرّ، فَغَيَّر، والْهِرْقِل: الْمُنْخُلُ، ودلّ هذا أن تسكين الراء ضرورة، ليست بِلُغة.
وزعم الجواليقيّ أنه عجميّ تكلمت به العرب، وهو اسمٌ عَلَمٌ له، غير منصرف للعلمية والعجمة، مُلِّك إحدى وثلاثين سنة، ففي مُلكه مات النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولَقَبُه: قيصر، كما أن كل من ملك الفُرْس يقال له: كسرى، والترك يقال له: خاقان، والحبشة: النجاشيّ، والقبط: فرعون، ومصر: العزيز، وحمير: تُبَّع، والهند: دُهمى، والصين: فَغْفور، والزنج: غانة، واليونان: بطلميوس، واليهود: قِيطون، أو ماتح (?)، والبربر: جالوت (?)، والصابئة: نمرود، واليمن: تُبّعًا،