وحرّم صيدهم، ولا يصح؛ لأن صيدهم من طعامهم، فيدخل في عموم الآية؛ ولأن من حلّت ذبيحته حلّ صيده؛ كالمسلم.
قال: ولا فرق بين العدل والفاسق، من المسلمين، وأهل الكتاب، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: لا تؤكل ذبيحة الأقلف، وعن أحمد مثله، والصحيح: إباحته، فإنه مسلم، فأشبه سائر المسلمين، وإذا أبيحت ذبيحة القاذف، والزاني، وشارب الخمر، مع تحقُّق فسقه، وذبيحة النصراني، وهو كافر أقلف، فالمسلم أولى.
قال: ولا فرق بين الحربيّ والذميّ، في إباحة ذبيحة الكتابيّ منهم، وتحريم ذبيحة من سواه، وسئل أحمد عن ذبائح نصارى أهل الحرب، فقال: لا بأس بها، حديث عبد الله بن مُغَفَّل - رضي الله عنه - في الشحم، قال إسحاق: أجاد، وقال ابن المنذر: أجمع على هذا كل من نَحفَظ عنه من أهل العلم، منهم مجاهد، والثوريّ، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، ولا فرق بين الكتابيّ العربيّ، وغيره، إلا أن في نصارى العرب اختلافًا، ذكرناه في باب الجزية. وسُئل مكحول عن ذبائح العرب؟ فقال: أمّا بَهْرَا، وتَنُوخ، وسُلَيح، فلا بأس، وأما بنو تَغْلِب، فلا خير في ذبائحهم، والصحيح: إباحة ذبائح الجميع؛ لعموم الآية فيهم.
قال: فإن كان أحد أبوي الكتابي، ممن لا تحل ذبيحته، والآخر ممن تحل ذبيحته، فقال أصحابنا - يعني: الحنبليّة -: لا يحل صيده، ولا ذبيحته، وبه قال الشافعيّ، إذا كان الأب غير كتابي. وإن كان الأب كتابيًّا، ففيه قولان:
[أحدهما]: تباح، وهو قول مالك، وأبو ثور.
[والثاني]: لا تباح؛ لأنه وُجد ما يقتضي التحريم والإباحة، فغُلِّب ما يقتضي التحريم، كما أَبُو جرحه مسلم ومجوسي، وبيانُ وجود ما يقتضي التحريم أَنَّ كونه ابن مجوسيّ، أو وثني، يقتضي تحريم ذبيحته.
وقال أبو حنيفة: تباح ذبيحته، بكل حال؛ لعموم النص، ولأنه كتابي يُقَرُّ على دينه، فتحل ذبيحته، كما لو كان ابن كتابيين، وأما إن كان ابن وثنيين، أو مجوسيين، فمقتضى مذهب الأئمة الثلاثة تحريمه، ومقتضى مذهب أبي حنيفة