وسبي ذراريّهم. انتهى (?).
وأما جهاد الابتداء فالجمهور على أنه فرض كفاية بشرط الاستطاعة، إذا قام به بعض المسلمين سقط عن الباقين، إلا أن يتطوّعوا بذلك، وروي عن بعض الصحابة والتابعين أنهم قائلون بكونه فرض عين، كما في "فتح الباري" (?)، و"تفسير ابن كثير" (?).
وقال الحافظ في "الفتح" (?) في "باب وجوب النفير": ثم بعد أن شُرع، هل كان فرض عين، أو كفاية؟ قولان مشهوران للعلماء، وهما في مذهب الشافعيّ ... إلى آخر ما تقدّم من عبارته في المسألة الثانية، فراجعه تستفد، والله تعالى وليّ التوفيق.
(المسألة السابعة): في بيان الغرض من جهاد الابتداء:
إذا تبيّن ما تقدّم فإن جهاد الابتداء ليس إكراهًا للناس على قبول عقيدة الإسلام، وإنما هو جهد إقامة حكم الله في أرضه، وذلك أن الإسلام ليس مجموعة من العقائد والعبادات فقط شأن غيره من الأديان، وإنما هو حكم الله في جميع شئون الحياة، ودعوته دعوة انقلابيّة، لا إلى العقائد فقط، وبل وإلى إقامة العدل الذي شرعه لعباده في الأرض، ومن أهدافه إخلاء العالم من الظلم، والجور، والفساد، وإقامة العدل في الأرض بتحكيم شريعة الله فيها، وإن الإسلام غاية ما يتحمّل عن الكفّار أن يبقَوا على عقيدتهم إن أصرّوا على ذلك، ولكنه لا يرضى أبدًا أن يستعبدوا عباد الله بتحكيم قوانينهم المنبثقة عن آرائهم، وأهوائهم الفاسدة التي تستبيح الظلم والجور، أو تُشيع الخلاعة والفحشاء، أو تُفسد طباع الناس، وتسدّ مسامعهم عن قبول الحقّ والرشاد، فلذلك جعل الإسلام هدف جهاد الابتداء أحد الأمرين: إما تعتنق البلاد الكافرة الإسلام، وإما أن يؤدوا الجزية، وحينئذ يُتركون على عقيدتهم، ولكنهم لا يتركون لينفّذوا في الأرض قوانينهم على عباد الله، وإنما تكون الأرض تابعة