[البقرة: 193]، وقال تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5]، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم، وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله"، متّفق عليه، فاستقرّ الأمر على فرضيّة الجهاد مع المشركين، وهو فرض قائم إلى قيام الساعة. انتهى (?).
وقال شيخ الإسلام ابن تيميّة - رحمه الله - في كتابه "الجواب الصحيح لمن بدّل دين المسيح": فكان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في أول الأمر مأمورًا أن يجاهد الكفّار بلسانه، لا بيده، فيدعوهم، وَيعِظهم، ويجادلهم بالتي هي أحسن، وكان مأمورًا بالكفّ عن قتالهم؛ لِعَجْزه وعَجْز المسلمين عن ذلك، ثم لمّا هاجر إلى المدينة، وصار له بها أعوان أُذن له في الجهاد، ثم لما قووا كُتب عليهم القتال، ولم يُكتب عليهم قتال مَنْ سالَمَهم؛ لأنهم لم يكونوا يطيقون قتال جميع الكفّار، فلما فتح الله مكة، وانقطع قتال قريش ملوك العرب، ووفدت إليه وفود العرب بالإسلام، أمره الله تعالى بقتال الكفّار كلهم إلا من كان له عهد مؤقّت، وأَمَره بنبذ العهود المطلقة. انتهى (?).
وبمثل ذلك قال ابن رشد في "بداية المجتهد" (1/ 371 - 372)، وابن القيّم في "زاد المعاد" (3/ 160) وغيرهم من علماء السلف.
(المسألة الخامسة): في اختلاف العلماء هل المراحل الأُوَلُ منسوخة أم لا؟ :
ادّعى بعضهم أن كلّ مرحلة جديدة نَسَخت حكم ما قبلها، فالمراحل الثلاث الأول منسوخة اليوم، وإنما الباقية اليوم هي المرحلة الأخيرة، وهي الرابعة فقط.
وخالفهم آخرون، فقالوا: إن المراحل الأُوَل ليست منسوخة، وإنما هي مرتبطة بحالة مخصوصة، كلما دعت حاجة عادت أحكامها، وممن قال بهذا بدر الدين الزركشيّ - رحمه الله -، فإنه قال: إنه ليس في مراحل الجهاد نَسْخ، بل يُعمل