وقائل: "فلقيته" هو شعبة، كما بيّنته الرواية التالية: حيث قال: "قال شعبة: فسمعته بعد عشر سنين يقول: عرّفها عامًا واحدًا".

قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وقول شعبة: "فسمعته بعد عشر سنين يقول: عَرَّفَهَا عامًا واحدًا": يعني: سلمةَ بنَ كُهَيْل؛ الذي روى عنه هذا الحديث، يعني: أنَّه لقيه بعد أن سمع الحديث منه بعشر سنين، فأعاد سلمة الحديث، فقال: عَرَّفَها عامًا واحدًا؛ يعني: في الاستظهار، وكان شعبة شكَّ في عدم الاستظهار، هل هو في سَنَة واحدة؟ فلقيه بعد ذلك بعشر سنين، فسأله، فاخبره: أنه كان عامًا واحدًا، فزال شكّه، والله تعالى أعلم. انتهى (?).

(بَعْدَ ذَلِكَ)؛ أي: بعد استمتاعه بها، وذلك بعد عشر سنين، كما مرّ. (بِمَكَّةَ) زادها الله تعالى شرفًا، (فَقَالَ) القائل هو سلمة بن كُهيل (لَا أَدْرِي بِثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ، أَوْ حَوْلٍ وَاحِدٍ)؛ أي: لا أعلم هل أمَرَه النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بتعريفها ثلاث سنين، أو سنة واحدة؟ .

قال في "الفتح": قوله: "فلقيته بعدُ بمكة" القائل شعبةُ، والذي قال: "لا أدري" هو شيخه سلمة بن كهيل، وقد بيَّنه مسلم من رواية بَهز بن أسد، عن شعبة: أخبرني سلمة بن كهيل، واختصر الحديث، قال شعبة: فسمعته بعد عشر سنين يقول: "عرَّفها عامًا واحدًا"، وقد بيَّنه أبو داود الطيالسيّ في "مسنده" أيضًا، فقال في آخر الحديث: "قال شعبة: فلقيت سلمة بعدَ ذلك، فقال: لا أدري ثلاثة أحوال، أو حولًا واحدًا".

وأغرب ابن بطَّال، فقال: الذي شكّ فيه هو أُبَيّ بن كعب، والقائل: هو سُويد بن غَفَلة. انتهى، ولم يُصِب في ذلك، وإن تبعه جماعة، منهم المنذريّ، بل الشك فيه من أحد رواته، وهو سلمة لَمَّا استثبته فيه شعبة، وقد رواه غير شعبة عن سلمة بن كهيل بغير شكّ جماعة، وفيه هذه الزيادة، وأخرجها مسلم من طريق الأعمش، والثوريّ، وزيد بن أبي أنيسة، وحماد بن سلمة، كلهم عن سلمة، وقال: قالوا في حديثهم جميعًا: "ثلاثة أحوال" إلَّا حماد بن سلمة، فإن في حديثه "عامين، أو ثلاثة".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015