إياه، وإلا فهي لك"، وهذا أمر، وهو للوجوب، وقالت الحنفية: يَحِلّ للملتقط أن يدفعها إليه من غير أن يُجبر عليه في القضاء.
قال الجامع عفا الله عنه: القول هو الصحيح؛ لوضوح حجته.
وفي "شرح السُّنة": اختلفوا في أنه لو ادَّعَى رجل اللقطة، وعَرَف عِفاصها، ووكاءها، فذهب مالك، وأحمد: إلى أنه يدفع إليه من غير بينة أقامها عليه، وهو المقصود من معرفة العفاص، والوكاء، وقال الشافعيّ، والحنفية: إذا وقع في النفس صدق المدعي فله أن يعطيه، وإلا فببيّنة. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى أن ما ذهب إليه مالك، وأحمد هو الأرجح؛ لوضوح حجته؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - بعد أن أمر بمعرفة هذه الأمور أمره أن يدفعها لمن عرف تلك الأمور، ولم يشترط عليه بيّنة، ولا غيرها، فتأمله بالإنصاف، والله تعالى أعلم.
3 - (ومنها): ما قال في "العمدة": احتَجّ بهذا الحديث من يمنع التقاط الإبل إذا استغنت بقوتها عن حفظها، وهو قول الشافعيّ، ومالك، وأحمد، ويقال عند الشافعيّ: لا يصح في الكبار، ويصح في الصغار، وعند مالك: لا يصح في الإبل، والخيل، والبغل، والحمار فقط، وعند أحمد: لا يصح في الكلّ حتى الغنم، وعنه: يصح في الغنم، وفي بعض شروح البخاريّ: وعند الشافعية: يجوز للحفظ فقط، إلا أن يوجد بقرية، أو بلد، فيجوز على الأصحّ، وعند المالكية ثلاثة أقوال في التقاط الإبل: ثالثها: يجوز في القرى دون الصحراء، وقالت الشافعية: في معنى الإبل كلُّ ما امتنع بقوّته عن صغار السباع، كالفرس، والأرنب، والظبي، وعند المالكية خلاف في ذلك، وقال ابن القاسم: يُلحَق البقر بالإبل دون غيرها، إذا كانت بمكان لا يُخاف عليها فيه من السباع.
وقال القاضي: اختُلف عند مالك في الدواب، والبقر، والبغال، والحمير، هل حكمها حكم الإبل، أو سائر اللقطات؟
وقالت الحنفية: يصح التقاط البهيمة مطلقًا، من أي جنس كان؛ لأنها مال يُتَوَّهم ضياعه، والحديث محمول على ما كان في ديارهم؛ إذ كان لا يخاف عليها من شيء، ونحن نقول في مثله بتركها، وهذا لأن في بعض البلاد