في بيت المال، ولعلهم لم يكن في شرعهم هذا التفصيل، فلهذا حكم القاضي بما حَكَم به. انتهى (?).
(فَقَالَ الَّذِي شَرَى الأَرْضَ)؛ أي: باعها؛ لأن شرى يطلق على الأخذ، وعلى الإعطاء، يقال: شريتُ المتاعَ أشريه: إذا أخذته بثمن، أو أعطيته بثمن، فهو من الأضداد (?).
وقال النوويّ رحمه الله: هكذا هو في أكثر النسخ: "شَرَى" بغير ألف، وفي بعضها: "اشترى" بالألف، قال العلماء: الأول أصحّ، وشَرَى هنا بمعنى باع، كما في قوله تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} [يوسف: 25] ولهذا قال: "فقال الذي شَرَى الأرض: إنما بعتك". انتهى (?).
وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "فقال الذي شَرَى الأرض ... إلخ" هكذا للسمرقنديّ، ومعنى "شَرَى": باع، كما قال تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} [يوسف: 20]؛ أي: باعوه. وقد تقدَّم: أن "شرى" من الأضداد، يقال: شريت الشيءَ: بعته، واشتريته، وقد رواه غير السمرقنديّ: "الذي اشترى الأرض"، وفيها بُعْدٌ؛ لأنَّ المشتري هو الذي تقدَّم ذكره، وهو هنا البائع، ولا يصحُّ أن يقال عليه: مُشترٍ؛ إلا إن صحَّ في "اشترى": أنه من الأضداد، كما قلناه في "شَرَى"، والأول هو المعروف. انتهى (?).
وفي رواية البخاريّ: "وقال الذي له الأرض"، قال في "الفتح"؛ أي: الذي كانت له، ووقع في رواية أحمد عن عبد الرزاق بيان المراد من ذلك، ولفظه: "فقال الذي باع الأرض: إنما بعتك الأرض"، ووقع في نسخ مسلم اختلافٌ، فالأكثر رووه بلفظ: "فقال الذي شَرَى الأرض"، والمراد باع الأرض، كما قال أحمد، ولبعضهم: "فقال الذي اشترى الأرض"، ووَهّمها القرطبيّ، قال: إلا إن ثبت أن لفظ اشترى من الأضداد، كَشَرَى، فلا وَهْم. انتهى (?).