حقيقة، فالأصل أن لا تختلط بمسائل تلك الحقيقة مسائل غيرها، كمسائل الإيمان لا يُذكر فيها مسائل الصلاة مثلًا، وإلا لم تكن للإضافة فائدة.
وأما حدّه لقبًا فـ "كتاب الإيمان" ترجمة جُعلت اسمًا لجملة الأحاديث المتضمّنة أحكام المضاف إليه منها. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثانية): في تعريف الإيمان لغة، وشرعًا.
قال في "الفتح" 1/ 67 - 68: الإيمان لغة التصديق (?)، وشرعًا تصديق الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما جاء به عن ربّه عز وجل، وهذا القدر متّفق عليه، ثم وقع الاختلاف، هل يُشترط مع ذلك مزيد أمر من جهة إبداء هذا التصديق باللسان المعبِّرِ عما في القلب، إذ التصديق من أفعال القلوب؟ أو من جهة العمل بما صدّق به من ذلك، كفعل المأمورات، وترك المنهيّات، كما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى. والإيمان - فيما قيل - مشتقّ من الأمن، وفيه نظرٌ؛ لتباين مدلولي الأمن والتصديق، إلا إن لوحظ فيه معنى مجازيّ، فيقال: أمنه: إذا صدّقه: أي أمنه التكذيب. انتهى.
وقال في "القاموس": وآمن به إيمانًا: صدّقه، والإيمان: الثقة، وإظهار الخضوع، وقبول الشريعة. انتهى. وقال المرتضى في "شرحه": والإيمان: التصديق، وهو الذي جزم به الزمخشريّ في "الأساس"، واتّفق عليه أهل العلم من اللغويين، وغيرهم. وقال السعد: إنه حقيقة، وظاهر كلامه في "الكشاف" أن حقيقة آمن به آمنه التكذيب؛ لأن أمن ثلاثيًّا متعدّ لواحد بنفسه، فإذا نُقل لباب الإفعال تعدّى لاثنين، فالتصديق عليه معنى مجازيّ للإيمان، وهو خلاف كلامه في "الأساس"، ثم إن آمن يتعدّى لواحد بنفسه، وبالحرف، ولاثنين بالهمزة، على ما في "الكشّاف"، و"المصباح"، وغيرهما، وقيل: إنه بالهمزة يتعدّى لواحد، كما نقله عبد الحكيم في "حاشية القاضي"، وقال في "حاشية