يحتمل أن يكون "كتاب" خبرًا لمبتدأ محذوف، تقديره: "هذا كتاب الإيمان"، أو مبتدأً خبره محذوف، أي "كتاب الإيمان هذا محلّ بحثه"، أو فاعلًا لفعل مقدّر، أي ثبتَ كتابُ، أو نائبَ فاعل لفعل محذوف، أي يُذكر كتاب، أو منصوبًا بفعل مقدّر، أي اقرأ كتابَ، أو مجرورًا بحرف جرّ محذوف - مع بقاء عمله على قلّة، على حدّ قول الشاعر [من الطويل]:

إِذَا قِيلَ أَيُّ النَّاسِ شَرُّ قَبِيلَةٍ ... أَشَارَتْ كُلَيْبٍ بِالأَكُفِّ الأَصابِعُ

أي إلى كليب، والتقدير هنا انظر في كتاب الإيمان. والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: الإضافة في "كتاب الإيمان" يحتمل أن تكون بمعنى اللام، أي كتاب موضوع لشرح الإيمان، واللام للاختصاص، أي مختصّ بالإيمان من بقيّة أنواع علوم الحديث، وأن تكون بمعنى "من"، أي كتاب من الإيمان، كقولهم: خاتم فضّة، أي من فضّة، أو بمعنى "في"، أي كتاب موضوع في شرح الإيمان (?).

وقال الأبيّ رحمه الله: كتاب الإيمان مركّبٌ إضافيّ، والمركب الإضافيّ قيل: إن حدّه لقبًا متوقّف على معرفة جزأيه؛ لأن العِلْمَ بالمركَّب بعد العلم بجزأيه، وقيل: لا يتوقّف؛ لأن التسمية به سَلَبت كلًّا من جزأيه عن معناه الإفراديّ، وصَيَّرت الجميع اسمًا لشيء آخر، ورُجّح الأول بأنه أتمّ فائدةً، وعليه اختُلف، فقيل: الأولى البداءة ببيان المضاف؛ لأنه الأسبق في الذكر، وقيل: بالمضاف إليه؛ لأنه أسبق في المعنى؛ إذ لا يُعلم المضاف من حيث هو مضاف حتى يُعلم ما أُضيف إليه، وهو أحسن؛ لأن المعاني أقدم من الألفاظ، وعليه فـ "الإيمان" لغة التصديق بأيّ شيء كان، وهو في الشرع التصديق بشيء خاصّ على ما سيأتي - إن شاء الله تعالى -.

و"كتاب" مصدر في الأصل، جُعل اسمًا لكل مكتوب، كالرهن اسمٌ لكلّ مرهون، ثم يتخضص بالإضافة، فيقال: "كتاب الإيمان"، "كتاب الصلاة"، فالإضافة فيه للبيان، مثلها في "خاتم حديد"، ثم إذا خُصّص بإضافته إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015