مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - هذا متّفقٌ عليه.
[تنبيه]: قال النوويّ - رحمه الله -: هكذا رَوَى هذا الحديثَ البخاريّ ومسلم في "صحيحيهما" مرفوعًا، من رواية ابن عباس - رضي الله عنهما -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهكذا ذكره أصحاب "السنن"، وغيرهم، قال القاضي عياض - رحمه الله -: قال الأصيليّ: لا يصح مرفوعًا، إنما هو قول ابن عباس - رضي الله عنهما -، كذا رواه أيوب، ونافع الْجُمَحيّ، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -. قال القاضي: قد رواه البخاريّ ومسلم من رواية ابن جريج، مرفوعًا. هذا كلام القاضي.
قال النوويّ: وقد رواه أبو داود، والترمذيّ بأسانيدهما عن نافع بن عمر الجمحيّ، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مرفوعًا، قال الترمذيّ: حديث حسن صحيح، وجاء في رواية البيهقيّ وغيره بإسناد حسن، أو صحيح زيادة، عن ابن عباس، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو يُعْطَى الناسُ بدعواهم لادَّعَى قوم دماء قوم وأموالهم، ولكن البينة على المدعِي، واليمين على من أنكر". انتهى (?).
وقال القرطبيّ - رحمه الله - بعد ذكر كلام الأصيليّ المذكور - ما نصّه: إذا صحَّ رَفْعه بشهادة الإمامين فلا يضرُّه مَنْ وَقَفه، ولا يكون ذلك تعارضًا، ولا اضطرابًا، فإن الرَّاوي قد يَعْرِض له ما يوجب السكوت عن الرفع من نسيان، أو اكتفاءً بعلم السَّامع، أو غير ذلك، والرَّافع عدلٌ، ثبتٌ، ولم يكذّبه الآخر فلا يُلتفت إلى الوقف، إلا في الترجيح عند التعارض، كما بيَّنَّاه في الأصول. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن دعوى الأصيليّ تضعيفَ رَفْع هذا الحديث، وطعْنَه في الشيخين، حيث أخرجاه في "صحيحيهما" مرفوعًا دعوى باطلة، تنادي يكون بضاعته مزجاة، فهو كما قال القائل [من البسيط]:
كَنَاطِحٍ صَخْرَةً يَوْمًا لِيُوهِنَهَا ... فَلَمْ يَضِرْهَا وَأَوْهَى قَرْنَهُ الْوَعِلُ
(المسألة الثانية): في تخريجه: