وأحكمته: إذا منعته، وسمِّيت حَكَمَة (?) الدابة؛ لمنعها الدابة من ركوبها رأسها، وسمِّيت الْحِكْمة حِكْمةً؛ لمنعها النفس من هواها. انتهى (?).
مسائل مهمّة تتعلّق بهذه الترجمة:
(المسألة الأولى): قال العلّامة ابن قُدامة - رحمه الله -: الأصل في القضاء، ومشروعيته: الكتاب، والسُّنَّة، والإجماع، أما الكتاب فقول الله تعالى: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} الآية [ص: 26]، وقول الله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} الآية [المائدة: 49]، وقوله: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} الآية [النور: 48]، وقوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65].
وأما السُّنَّة، فما رَوَى عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "إذا اجتهد الحاكم، فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر"، متفق عليه، في آيٍ، وأخبارٍ سوى ذلك كثيرة. وأجمع المسلمون على مشروعية نَصْب القضاء، والحُكم بين الناس. انتهى كلام ابن قُدامة - رحمه الله - (?)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثانية): (اعلم): أن القضاء من فروض الكفايات؛ لأنَّ أمر الناس لا يستقيم بدونه، فكان واجبًا عليهم كالجهاد، والإمامة، قال أحمد - رحمه الله -: لا بد للناس من حاكم، أتذهب حقوق الناس؟ ، وفيه فضل عظيم لمن قوي على القيام به، وأداء الحق فيه، ولذلك جعل الله فيه أجرًا مع الخطإ، وأسقط عنه حكم الخطإ، ولأن فيه أمرًا بالمعروف، ونصرة المظلوم، وأداء الحق إلى مستحقه، وردًّا للظالم عن ظلمه، وإصلاحًا بين الناس، وتخليصًا لبعضهم من بعض، وذلك من أبواب القُرَب، ولذلك تولاه النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، والأنبياء قبله، فكانوا يحكمون لأممهم، وبعث عليًّا إلى اليمن قاضيًا، وبعث أيضًا معاذًا قاضيًا، وقد رُوي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنَّه قال: "لأنَّ أجلس قاضيًا