3 - (ومنها): أنه استَدلّ به من قال بوجوب قطع يد السارق، ولو لم يَسْرِق من حرز، وهو قول الظاهرية، وأبي عبد الله البصري، من المعتزلة، وخالفهم الجمهور، فقالوا: العامّ إذا خُصّ منه شيء بدليل، بقي ما عداه على عمومه، وحجيته، سواء كان لفظه ينبئ عما ثبت في ذلك الحكم بعد التخصيص، أم لا؛ لأن آية السرقة عامة، في كل مَن سَرق، فخَصّ الجمهور منها مَن سَرق من غير حرز، فقالوا: لا يُقطع، وليس في الآية ما ينبئ عن اشتراط الحرز، وطَرَد البصري أصله في الاشتراط المذكور، فلم يشترط الحرز، ليستمر الاحتجاج بالآية. نعم زعم ابن بطال أن شرط الحرز مأخوذ من معنى السرقة، فإن صح ما قال، سقطت حجة البصريّ أصلًا.
4 - (ومنها): أنه استُدِل به على أن العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب؛ لأن آية السرقة نزلت في سارق رداء صفوان، أو سارق المجنّ، وعَمِل بها الصحابة - رضي الله عنهم - في غيرهما من السارقين.
5 - (ومنها): أنه استُدل بإطلاق حديث عائشة - رضي الله عنها -: "قطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ربع دينار"، على أن القطع يجب بما صَدَق عليه ذلك، من الذهب، سواء كان مضروبًا، أو غير مضروب، جَيِّدًا كان، أو رديئًا، وقد اختَلَف فيه الترجيح عند الشافعية، ونصّ الشافعي في "الزكاة" على ذلك، وأطلق في "السرقة"، فجزم الشيخ أبو حامد، وأتباعه بالتعميم هنا، وقال الإصطخري: لا يقع إلا في المضروب، ورجحه الرافعي، وقيَّد الشيخ أبو حامد النقل عن الإصطخري بالقدر الذي ينقص بالطبع.
6 - (ومنها): أنه استُدِل بالقطع في الْمِجَنّ، على مشروعية القطع في كل ما يُتَمَوَّل قياسًا، واستثنى الحنفية ما يُسرِع إليه الفساد، وما أصله الإباحة؛ كالحجارة، واللَّبِن، والخشب، والملح، والتراب، والكلإ، والطير، وفيه رواية عن الحنابلة، والراجح عندهم في مثل السرجين القطع، تفريعًا على جواز بيعه، وفي هذا تفاريع أخرى، محل بسطها كتب الفقه، وبالله التوفيق (?).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي القول بالتعميم هو الأظهر؛ لإطلاق النصوص، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.