أي: هذا كتاب في ذكر الأحاديث الدالّة على أحكام الحدود. وهي: جمع حدّ، وهو المنع لغةً، ولهذا يقال للبواب: حدادٌ؛ لمنعه الناس عن الدخول، وفي الشرع: الحدّ: عقوبةٌ مقدرةٌ لله تعالى، وإنما جَمَعه لاشتماله على أنواع، وهي حدّ الزنا، وحدّ القذف، وحد الشُّرب، والمذكور فيه حدّ الزنا، والخمر، والسرقة، أفاده في "العمدة" (?). وقال القرطبيّ - رحمه الله -: الحدود: جمع حدّ، وأصل الحدّ: المنع حيث وقع وإن اختلفت أبنيته، وصيغه، وسُمِّيت العقوبات المترتبة على الجنايات حدودًا؛ لأنَّها تمنع من عَوْد الجاني، ومن فعل الْمُعْتَبِر بها. انتهى (?).
وقال في "الفتح": الحدود: جمع حَدّ، والمذكور فيه هنا - يعني: في "صحيح البخاريّ"، وكذا هو في "صحيح مسلم" - حدّ الزنا، والخمر، والسرقة، وقد حَصَر بعض العلماء ما قيل بوجوب الحدّ به في سبعة عشر شيئًا.
فمن المتفق عليه: الرِّدّةُ، والْحِرابة ما لم يَتُب قبل القدرة، والزنا، والقذف به، وشُرب الخمر، سواء أسكر أم لا، والسرقة.
ومن المختلَف فيه: جحد العارية، وشرب ما يُسكر كثيره من غير الخمر، والقذف بغير الزنا، والتعريض بالقذف، واللواط، ولو بمن يحل له نكاحها، وإتيان البهيمة، والسحاق، وتمكين المرأة القِرْد وغيره من الدواب من وطئها، والسحر، وترك الصلاة تكاسلًا، والفطر في رمضان.
وهذا كله خارج عما تُشرع فيه المقاتَلة، كما لو ترك قوم الزكاة، ونصبوا لذلك الحرب.