وأصل الحدّ: ما يحجز بين شيئين، فيمنع اختلاطهما، وحدّ الدار ما يُمَيِّزها، وحدّ الشيء: وصْفُه المحيط به المميِّز له عن غيره.
وسُمِّيت عقوبة الزاني ونحوه حدًّا؛ لكونها تمنعه المعاودة، أو لكونها مُقَدَّرة من الشارع، وللإشارة إلى المنع سُمِّي البواب: حَدّادًا.
قال الراغب: وتطلق الحدود، ويراد بها نفس المعاصي؛ كقوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} الآية [البقرة 187]، وعلى فعلٍ فيه شيءٌ مقدَّر، ومنه: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} الآية [الطلاق: 1]، وكأنها لمّا فَصَلَت بين الحلال والحرام، سُمِّيت حدودًا، فمنها ما زُجر عن فعله، ومنها ما زُجر من الزيادة عليه، والنقصان منه، وأما قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية [المجادلة: 5]، فهو من الممانعة، ويَحْتَمِل أن يراد استعمال الحديد، إشارة إلى المقاتَلة. انتهى (?).
(?) - (بَابُ حَدِّ السَّرِقَةِ، وَنِصَابِهَا)
"السَّرِقةُ"، ومثلها السَّرِقُ - بفتح السين، وكسر الراء فيهما -: اسم من سَرَقَ المالَ، يقال: سرَقه مالًا يسرِقه، من باب ضَرَب، وسَرَق منه مالًا، يتعدّى إلى الأول بنفسه، وبالحرف على الزيادة، والمصدرُ سَرَقٌ - بفتحتين -، والاسم: السَّرِقُ - بكسر الراء - والسَّرِقة مثله، وتُخفّف، مثل كَلِمة - يعني: أنه يكون تسكين الراء، مع فتح السين، وكسرها - ويُسمّى المسروق سَرِقَةً أيضًا، تسميةً بالمصدر. انتهى (?).
وقال أبو العبّاس القرطبيّ - رحمه الله -: السرِقةُ، والسّرِق - بكسر الراء فيهما -: هو اسم الشيء المسروق، والمصدرُ، مِنْ سَرَقَ يَسْرِقُ سَرَقًا - بفتح الراء - كذا قاله الجوهريّ. وأصل هذا اللفظ إنما هو أخذُ الشيء في خفية، ومنه استرق السمع، وسَارَقَهُ النظرَ، قال ابن عَرَفة: السارق عند العرب هو من جاء مستترًا