5 - (ومنها): أن قوله: "في إملاص المرأة" أصرح في وجوب الانفصال ميتًا، من قوله في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "قضى في الجنين"، وقد شرط الفقهاء في وجوب الغرة انفصال الجنين ميتًا بسبب الجناية، فلو انفصل حيًا، ثم مات وجب فيه القوَدُ، أو الدية كاملة، ولو ماتت الأم، ولم ينفصل الجنين، لم يجب شيء عند الشافعية؛ لعدم تيقن وجود الجنين، وعلى هذا هل المعتبر نفس الانفصال، أو تحقق حصول الجنين؟ فيه وجهان: أصحهما الثاني، ويظهر أثره فيما لو قُدَّت نصفين، أو شق بطنها، فشوهد الجنين، أو فيما إذا خرج رأس الجنين مثلًا بعد ما ضرب، وماتت الأم، ولم ينفصل.
قال ابن دقيق العيد: ويحتاج من قال ذلك إلى تأويل الرواية، وحَمْلها على أنه انفصل، وان لم يكن في اللفظ ما يدل عليه.
قال الحافظ: وقع في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - عند أبي داود: "فأسقطت غلامًا، قد نبت شعره ميتًا"، فهذا صريح في الانفصال، ووقع مجموع ذلك في حديث الزهري، ففي رواية عبد الرحمن بن خالد بن مسافر الماضية في "الطب": "فأصاب بطنها، وهي حامل، فقُتل ولدها في بطنها"، وفي رواية مالك في هذا الباب: "فطرحت جنينها".
6 - (ومنها): أنه استُدلَّ به على أن الحكم المذكور خاص بولد الحرة؛ لأن القصة وردت في ذلك، وقوله: "في إملاص المرأة"، وإن كان فيه عموم، لكن الراوي ذكر أنه شهد واقعة مخصوصة، وقد تصرف الفقهاء في ذلك، فقال الشافعية: الواجب في جنين الأمة عُشر قيمة أمه، كما أن الواجب في جنين الحرة عُشر ديتها.
7 - (ومنها): أنه استُدلّ به أيضًا على أن الحكم المذكور خاص بمن يُحكَم بإسلامه، ولم يُتعرض لجنين محكوم بتهوّده، أو تنصره، ومن الفقهاء من قاسه على الجنين المحكوم بإسلامه تبعًا، وليس هذا من الحديث.
8 - (ومنها): أن فيه أن القتل المذكور لا يَجري مجرى العمد.
9 - (ومنها): أنه استُدِلّ به على ذمّ السجع في الكلام، ومحل الكراهة: إذا كان ظاهر التكلف، وكذا لو كان منسجمًا، لكنه في إبطال حق، أو تحقيق باطل، فأما لو كان منسجمًا، وهو في حق، أو مباح، فلا كراهة، بل ربما كان في بعضه ما يُستحب، مثل أن يكون فيه إذعان مخالف للطاعة، كما وقع لمثل