من المسلمين خرجوا يمتارون تمرًا، فيجوز أن تكون طائفة أخرى خرجوا لمثل ذلك، وإن لم يكن في نفس الأمر كذلك، وقد وجدنا لطلب البيّنة، في هذه القصة شاهدًا من وجه آخر، أخرجه النسائيّ من طريق عبيد الله بن الأخنس، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جدّه: أن ابن محيصة الأصغر أصبح قتيلًا على أبواب خيبر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أقم شاهدين على من قتله، أدفعه إليك برمته"، قال: يا رسول الله، أَنَّى أُصيب شاهدين؟ ، وإنما أصبح قتيلًا على أبوابهم، قال: "فتحلف خمسين قسامة"، قال: فكيف أحلف على ما لا أعلم؟ ، قال: "تستحلف خمسين منهم"، قال: "كيف وهم يهود؟ ".

قال الحافظ: وهذا السند صحيح حسن، وهو نَصٌّ في الحمل الذي ذكرته، فتعيّن المصير إليه.

وقد أخرج أبو داود أيضًا، من طريق عَباية بن رِفاعة، عن جدّه رافع بن خَدِيج، قال: أصبح رجل من الأنصار، بخيبر مقتولًا، فانطلق أولياؤه إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "شاهدان يشهدان على قتل صاحبكم"، قال: لم يكن ثَمَّ أحد من المسلمين، وإنما هم اليهود، وقد يجترئون على أعظم من هذا. انتهى (?).

(فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَى عَقْلَهُ)؛ أي: ديته، وفي رواية: "فوداه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قِبَله"، وفي رواية: "فعقله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عنده"، وفي رواية سعيد بن عبيد عند البخاريّ: "فوداه مائة من إبل الصدقة".

قال في "الفتح": زعم بعضهم أن قوله: "من إبل الصدقة" غلط من سعيد بن عبيد؛ لتصريح يحيى بن سعيد بقوله: "من عنده"، وجمع بعضهم بين الروايتين، باحتمال أن يكون اشتراها من إبل الصدقة، بمال دفعه من عنده، أو المراد بقوله: "من عنده"؛ أي: بيت المال الْمُرَصَّد للمصالح، وأَطلَقَ عليه صدقة، باعتبار الانتفاع به مَجّانًا؛ لما في ذلك من قطع المنازعة، وإصلاح ذات البين، وقد حمله بعضهم على ظاهره، فحَكَى القاضي عياض، عن بعض العلماء: جواز صرف الزكاة في المصالح العامة، واستدل بهذا الحديث، وغيره، وتقدم شيء من ذلك في "كتاب الزكاة"، في الكلام على حديث أبي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015