وقال ابن عمر، وابن عباس، وعائشة، وعروة بن الزبير، والزهريّ، ومالك، والأوزاعيّ، والثوريّ، وأبو حنيفة، وأحمد، وإسحاق في رواية عنهما: لا يصحّ إلا بصوم، وهو قول أكثر العلماء. انتهى كلام النوويّ رحمه الله (?).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تقدّم في "كتاب الاعتكاف" ترجيح ما ذهب إليه الأولون من صحة الاعتكاف ليلًا، وبغير صوم بأدلّته، فراجعه تستفد علمًا جمًّا، وبالله تعالى التوفيق.

4 - (ومنها): ما قاله الحافظ العراقيّ رحمه الله في "شرح الترمذيّ": إنه استُدلّ به على أن الكفّار مخاطبون بفروع الشريعة، وإن كان لا يصحّ منهم إلا بعد أن يُسلموا؛ لِأَمْر عمر -رضي الله عنه- بوفاء ما التزمه في الشرك، ونقل أنه لا يصحّ الاستدلال به؛ لأن الواجب بأصل الشرع كالصلاة لا يجب عليهم قضاؤها، فكيف يكلّفون بقضاء ما ليس واجبًا بأصل الشرع؟ قال: ويُمكن أن يُجاب بأن الواجب بأصل الشرع مؤقّتٌ بوقت، وقد خرج قبل أن يُسلم الكافر، ففات وقتُ أدائه، فلم يؤمر بقضائه؛ لأن الإسلام يَجُبّ ما قبله، فأما إذا لم يؤقّت نذره، فلم يتعيّن له وقتٌ حتى أسلم، فإيقاعه له بعد الإسلام يكون أداءً؛ لاتساع ذلك باتّساع العمر.

قال الحافظ: وهذا البحث يقوّي ما ذهب إليه أبو ثور، ومن قال بقوله -يعني قولهم: إن نذر الاعتكاف قبل الإسلام لزمه الوفاء إذا أسلم- وإن ثبت النقل عن الشافعيّ بذلك، فلعلّه كان يقوله أوّلًا، فأخذه عنه أبو ثور.

ويمكن أن يؤخذ من الفرق المذكور وجوب الحجّ على من أسلم لاتساع وقته، بخلاف ما فات وقته، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم فيمن نذر كافرًا، ثم أسلم: قال النوويّ رحمه الله: اختَلَفَ العلماء في صحة نذر الكافر، فقال مالك، وأبو حنيفة، وسائر الكوفيين، وجمهور أصحابنا: لا يصحّ، وقال المغيرة المخزوميّ، وأبو ثور، والبخاريّ، وابن جرير، وبعض أصحابنا: يصحّ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015