1 - (منها): بيان أن الكافر إذا نذر، ثم أسلم قبل الوفاء به، وفّى به، بعد إسلامه.
2 - (ومنها): ما قاله في "الفتح": وفي الحديث لزوم النذر للقربة من كلّ أحد حتى قبل الإسلام.
وقد أجاب ابن العربيّ بأن عمر لَمَّا نذر في الجاهليّة، ثم أسلم أراد أن يُكفّر ذلك بمثله في الإسلام، فلما أراده، ونواه سأل النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فأعلمه أنه لزمه، قال: وكلّ عبادة ينفرد بها العبد عن غيره تنعقد بمجرّد النيّة العازمة الدائمة كالنذر في العبادة، والطلاق في الأحكام، وإن لم يتلفّظ بشيء من ذلك.
كذا قال، ولم يوافق على ذلك، بل نقل بعض المالكيّة الاتّفاق على أن العبادة لا تلزم إلا بالنيّة مع القول، أو الشروع، وعلى التنزّل، فظاهر كلام عمر -رضي الله عنه- مجرّد الإخبار بما وقع مع الاستخبار عن حكمه، هل لزم، أو لا؟ وليس فيه ما يدلّ على ما ادّعاه من تجديد نيّة منه في الإسلام.
وقال الباجيّ: قصّة عمر -رضي الله عنه- هي كمن نذر أن يتصدّق بكذا إن قدم فلانٌ بعد شهر، فمات فلان قبل قدُومه، فإنه لا يلزم الناذر قضاؤها، فإن فعله فحسن، فلمّا نَذَر عمر قبل أن يسلم، وسأل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أمره بوفائه استحبابًا، وإن كان لا يلزمه؛ لأنه التزمه في حالة لا ينعقد فيها.
3 - (ومنها): ما قاله النوويّ رحمه الله: فيه دلالة لمذهب الشافعيّ وموافقيه في صحة الاعتكاف بغير صوم، وفي صحته بالليل، كما يصح بالنهار، سواء كانت ليلة واحدة، أو بعضها، أو أكثر، ودليله حديث عمر -رضي الله عنه- هذا، وأما الرواية التي فيها اعتكاف يوم، فلا تخالف رواية اعتكاف ليلة؛ لأنه يَحْتَمِل أنه سأله عن اعتكاف ليلة، وسأله عن اعتكاف يوم، فأمره بالوفاء بما نذر، فحصل منه صحة اعتكاف الليل وحده، ويؤيده رواية نافع، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن عمر -رضي الله عنه- نذر أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام، فسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال له: "أوف بنذرك"، فاعتكف عمر ليلةً، رواه الدارقطنيّ، وقال: إسناده ثابت، هذا مذهب الشافعيّ، وبه قال الحسن البصريّ، وأبو ثور، وداود، وابن المنذر، وهو أصح الروايتين عن أحمد، قال ابن المنذر: وهو مرويّ عن عليّ، وابن مسعود.