قال في "الفتح": وقوله: "من استَلَجَّ استَفْعَل من اللجاج، وذكر ابن الأثير أنه وقع في رواية: "استلجَجَ" بإظهار الإدغام، وهي لغة قريش.
قوله: "فهو أعظم إثمًا ليبرّ، -يعني: الكفارة-"، وكذا وقع في رواية ابن السكن، وكذا لأبي ذرّ عن الكشميهنيّ بلام مكسورة، بعدها تحتانية مفتوحة، ثم راء مشدّدة، واللام لام الأمر، بلفظ أمر الغائب من البر، أو الإبرار، و"يعني" بفتح التحتانية، وسكون المهملة، وكسر النون، تفسير للبرّ، والتقدير: ليترك اللجاج، ويبرّ، ثم فسَّر البرّ بالكفارة، والمراد أنه يترك اللجاج فيما حَلف، ويفعل المحلوف عليه، ويحصل له البرّ بأداء الكفارة عن اليمين الذي حلفه إذا حَنِثَ.
ومعنى قوله: "في أهله" ما تقدم في الطريق التي قبلها من تصويره بأن يحلف أن يضر أهله مثلًا، فيلجّ في ذلك اليمين، ويقصد إيقاع الإضرار بهم؛ لتنحلّ يمينه، فكأنه قيل له: دَعْ اللجاج في ذلك، واحنِثْ في هذا اليمين، واترك إضرارهم، ويحصل لك البرّ، فإنك إن أصررت على الإضرار بهم، كان ذلك أعظم إثمًا من حنثك في اليمين.
ووقع في رواية النسفيّ، والأصيليّ: "ليس تغني الكفارة" بفتح اللام، وسكون التحتانية، بعدها سين مهملة، و"تغني" بضم المثناة الفوقانية، وسكون الغين المعجمة، وكسر النون، و"الكفارةُ" بالرفع، والمعنى: أن الكفارة لا تغني عن ذلك، وهو خلاف المراد، والرواية الأولى أوضح.
ومنهم مَن وَجَّه الثانية بأن المفضَّل عليه محذوف، والمعنى أن الاستلجاج أعظم إثمًا من الحنث، والجملة استئناف، والمراد أن ذلك الإثم لا تغني عنه كفارة.
وقال ابن الأثير في "النهاية": وفيه: "إذا استلجّ أحدكم بيمينه، فإنه آثم له عند الله من الكفارة"، وهو استَفْعَل من اللجاج، ومعناه: أن من حلف على شيء، ويرى أن غيره خير منه، فيقيم على يمينه، ولا يحنث فيكفّر، فذلك آثم له، وقيل: هو أن يرى أنه صادق فيها، مصيب، فيلجّ، ولا يكَفّرها. انتهى، وانتَزَع ذلك كله من كلام الخطابيّ.