الإثم؛ لأنه قصد مقابلة اللفظ على زعم الحالف، وتوهّمه، فإنه يتوهم أن عليه إثمًا في الحنث، مع أنه لا إثم عليه، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "الإثم عليه في اللجاج أكثر لو ثبت الإثم -أي: في الحنث-" (?).
وقال البيضاويّ رحمه الله: المراد أن الرجل إذا حلف على شيء، يتعلق بأهله، وأصرّ عليه، كان ذلك أدخل في الوزر، وأفضى إلى الإثم من أن يحنث في يمينه، ويُكفّر عنها؛ لأنه جَعَلَ الله تعالى عُرْضَة للامتناع عن البرّ والمواساة مع الأهل والإصرار على اللجاج، وقد نُهِي عن ذلك بقوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 224]، قال: و"آثم" اسم تفضيل، وأصله أن يطلق لِلّاجّ الآثم، فأُطلق للّجَاج المُوجِب للإثم على سبيل الاتّساع، والمراد به أنه يوجب مزيدًا، ثم مطلقًا بالإضافة إلى ما نُسِب إليه، فإنه أمر مندوب على ما تشهد به الأحاديث المتقدّمة عليه، لا إثم فيه، وقيل: معناه أنه كان يتحرّج عن الحنث والتأثّم فيه، ويرى ذلك، فاللَّجَاج إثم على زعمه وحسبانه. انتهى كلام البيضاويّ.
وتعقّبه الطيبيّ، فقال: قوله: والمراد به أنه يوجب مزيدًا، ثم مطلقًا، فيه نظر؛ لأن "مِنْ" التفصيليّة في قوله: "من أن يُعطي" تنافي الإطلاق؛ لأن "آثَم" حينئذ يكون بمعنى اسم الفاعل، وهو لا يتعدّى بـ "مِنْ"، كما في قولهم: الناقص والأشجّ أعْدَلا بني مروان، ويوسف أحسن إخوته في وجه، ولا يُستبعد أن يقال: إنه من باب قولهم: الصيف أحرّ من الشتاء، يعني أن إثم اللجاج في بابه أبلغ من ثواب إعطاء الكفّارة في بابه، وكذا في قوله: "أصله أن يُطلق للّاجّ الآثم، فأطلقه ... إلى آخره" بحثٌ؛ لأن المعنى أن استمراره على عدم الحنث، وإدامة الضرر على أهله أكثر إثمًا من الحنث، وفائدة ذكر "أهله" في هذا المقام مبالغةٌ. انتهى كلام الطيبيّ رحمه الله (?).
[تنبيه]: أخرج البخاريّ رحمه الله بعد هذا الحديث حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من استَلَجَّ في أهله بيمين، فهو أعظم إثمًا ليبرّ -يعني: الكفّارة-".