وقد قُيِّد في رواية الصحيح بالأهل، ولذلك قال النوويّ ما تقدم في الطريق الأُولى، وهو منتزع أيضًا من كلام عياض.
وذكر القرطبيّ في "مختصر البخاريّ" أنه ضُبِط في بعض الأمهات "تغني" بالتاء المضمومة، والغين المعجمة، وليس بشيء، وفي الأصل المعتمد عليه بالتاء الفوقانية المفتوحة، والعين المهملة، وعليه علامة الأصيليّ، وفيه بُعدٌ، ووجدناه بالياء المثناة من تحتُ، وهو أقرب، وعند ابن السكن: "يعني ليس الكفارة"، وهو عندي أشبهها، إذا كانت ليس استثناءً، بمعنى "إلّا"؛ أي: إذا لجّ في يمينه، كان أعظم إثْمًا إلا أن يكفّر.
قال الحافظ: وهذا أحسن لو ساعدته الرواية، إنما الذي في النسخ كلها بتقديم "ليس" على "يعني".
وقد أخرجه الإسماعيليّ من طريق إبراهيم بن سعيد الجوهريّ، عن يحيى بن صالح، بحذف الجملة الأخيرة، وآخرُ الحديث عنده: "فهو أعظم إثمًا".
وقال ابن حزم: لا جائز أن يُحْمَل على اليمين الغموس؛ لأن الحالف بها لا يسمى مستلجًّا في أهله، بل صورته أن يحلف أن يحسن إلى أهله، ولا يضرهم، ثم يريد أن يحنث، ويلجّ في ذلك، فيضرهم، ولا يحسن إليهم، ويكفّر عن يمينه، فهذا مستلجّ بيمينه في أهله، آثم.
ومعنى قوله: "لا تغني الكفارة" أن الكفارة لا تَحُطّ عنه إثم إساءته إلى أهله، ولو كانت واجبة عليه، وإنما هي متعلقة باليمين التي حلفها.
وقال ابن الجوزيّ قوله: "ليس تغني الكفارة" كأنه أشار إلى أن إثمه في قصده أن لا يبرّ، ولا يفعل الخير، فلو كفّر لم ترفع الكفارة سبق ذلك القصد.
وبعضهم ضبطه بفتح نون "يغني"، وهو بمعنى يترك؛ أي: إن الكفارة لا ينبغي أن تترك.
وقال ابن التين: قوله: "ليس تغني الكفارة" بالمعجمة، يعني مع تعمد الكذب في الأيمان، قال: وهذا على رواية أبي ذرّ، كذا قال، وفي رواية أبي الحسن، يعني القابسيّ: "ليس يعني الكفارة" بالعين المهملة، قال: وهذا موافق لتأويل الخطابيّ أنه يستديم على لجاجه، ويمتنع من الكفارة، إذا كانت خيرًا