وقوله: (فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ، أَوِ الْمَلَكُ) كذا في هذه الرواية بالشكّ، وفي رواية البخاريّ: "فقال له صاحبه، قال سفيان: يعني الملك"، وفي رواية للبخاريّ، في "النكاح"، من طريق معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه: "فقال له الملك"، بالجزم.

وقال في "الفتح" -عند قول سفيان: يعني الملك-: وفي هذا إشعار بأن تفسير صاحبه بالملك ليس بمرفوع، لكن في "مسند الحميديّ" عن سفيان: "فقال له صاحبه، أو الملك- بالشك"، ومثلها لمسلم، وفي الجملة ففيه ردٌّ على من فسَّر صاحبه بأنه الذي عنده علم من الكتاب، وهو آصِف- بالمدّ، وكسر المهملة، بعدها فاء -ابن برخيا- بفتح الموحدة، وسكون الراء، وكسر المعجمة، بعدها تحتانية-.

وقال القرطبيّ: قوله: "فقال له صاحبه، أو الملك" هذا شكّ من أحد الرواة في الذي قاله النبيّ -صلى الله عليه وسلم- منهما، فإن كان صاحبه فيعني به وزيره من الإنس، أو الجنّ، وإن كان الملك فهو الذي كان يأتيه بالوحي، قال: وقد أبعد من قال: المراد به خاطره. انتهى.

وقال النوويّ: قيل: المراد بصاحبه الملك، وهو الظاهر من لفظه، وقيل: القرين، وقيل: صاحب له آدمي.

قال الحافظ: ليس بين قوله: صاحبه والملك منافاة، إلا أن لفظة صاحبه أعمّ، فمن ثم نشأ لهم الاحتمال، ولكن الشك لا يؤثر في الجزم، فمن جزم بأنه الملك حجة على من لم يجزم. انتهى (?).

وقوله: (قُلْ: إِنْ شَاءَ اللهُ) قال القرطبيّ رحمه الله: هذا تذكير له بأن يقول بلسانه، لا أنه غفل عن التفويض إلى الله تعالى بقلبه؛ فإن ذلك بعيدٌ على الأنبياء عليهم السلام وغير لائق بمناصبهم الرفيعة، ومعارفهم المتوالية، وإنَّما هذا كما قد اتفق لنبينا -صلى الله عليه وسلم- لمّا سئل عن الرُّوح، والخضر، وذي القرنين؛ فوعدهم بأن يأتي بالجواب غدًا، جازمًا بما عنده من معرفته بالله تعالى، وصدقِ وعده في تصديقه، وإظهار كلمته، لكنه ذَهِل عن النطق بكلمة: "إن شاء الله"، لا عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015