وأما ترجيح القرطبيّ حمْله على النذر الذي لم يُسمّ بدليلين، ففيه نظر؛ لأن الدليل الأول وهو "من نذر نذرًا لم يسمّه ... إلخ " فزيادة "لم يسمّه" ضعيفة، كما قدّمنا بيانه؛ لأن في سندها عبيد الله بن زحر، وهو ضعيف عند الأكثرين، وأما قصّة أبي إسرائيل فليس فيها ما ينافي حديث الباب؛ لأنَّ حديث الباب فيه زيادة عليه، والزيادة من الثقة مقبولة، ومما يؤيّد هذا أن كثيرًا من القائلين بهذا يقولون بوجوب الكفّارة في نذر المعصية، وليس في قصّة أبي إسرائيل ذكر الكفّارة في نذر المعصية، بل زائد من حديث آخر، فكذلك ما هنا، فتأمله.
وقد تقدّم البحث في هذا مستوفًى في المسألة الرابعة من المسائل المذكورة في شرح حديث عمران بن حُصين -رضي الله عنهما- الطويل الذي تقدّم قبل باب، والله تعالى أعلم بالصواب.
مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [5/ 4245] (1645)، و (أبو داود) في "الأيمان والنذور" (3/ 214)، و (الترمذيّ) في "النذور والأيمان" (1528)، و (النسائيّ) في "الأيمان والنذور" (7/ 26) و "الكبرى" (3/ 142)، و (ابن ماجه) في "سننه" (2127)، و (أحمد) في "مسنده" (4/ 144 و 146 و 147)، و (الرويانيّ) في "مسنده" (1/ 158 و 191)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (4/ 15)، و (الطبرانيّ) في "الكبير" (17/ 272 و 273 و 313)، و (البيهقيّ) في "المعرفة" (7/ 315 و 333)، و"الصغرى" (8/ 511)، و"الكبرى" (10/ 45 و 67 و 71)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
* * *