"الإيمان" -بفتح الهمزة- جمع يمين، وأصل اليمين في اللغة اليد، وأُطلقت على الحلف لأنهم كانوا إذا تحالفوا أخَذَ كلٌّ بيمين صاحبه. وقيل: لأنَّ اليد اليمنى من شأنها حفظ الشيء، فسُمّي الحلف بذلك لحفظ المحلوف عليه، وسمّي المحلوف عليه يمينًا لتلبّسه بها. ويُجمع اليمين أيضًا على أَيمُن، كرَغِيفٍ وأَرْغُف. وعُرِّفت شرعًا بأنها توكيد الشيء بذكر اسم، أو صفة لله تعالى. وهذا أخصر التعاريف، وأقربها. قاله في "الفتح" (?).
وقال ابن قُدامة رحمه الله: الأصل في مشروعيّة الإيمان الكتاب، والسُّنَّة، والإجماع، أما الكتاب، فقوله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} الآية [المائدة: 89]. وقال تعالى: {وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل: 91] وأمر نبيّه -صلى الله عليه وسلم- بالحلف في ثلاثة مواضع، فقال: {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ} الآية [يونس: 53]، وقال تعالى: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} الآية [سبأ: 3]، والثالث: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} الآية [التغابن: 7].
وأما السُّنَّة فقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "إني والله إن شاء الله، لا أحلف على يمين، فأرى غيرها خيرًا منها، إلَّا أتيت الذي هو خير، وتحلّلتها"، متّفقٌ عليه. وكان أكثر قَسَم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ومُصَرِّفِ القلوب"، و"مقلّب القلوب"، ثبت هذا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في آي، وأخبار سوى هذين كثيرة.
وأجمعت الأمة على مشروعيّة اليمين، وثبوت حكمها، ووضعُها في الأصل لتوكيد المحلوف عليه. انتهى كلام ابن قُدامة رحمه الله (?).