الهذيان، وقد صرّح علماء اللغة بأن قولهم: هجر يهجر يستعمل بمعنى الترك والمفارقة أيضًا، راجع "تاج العروس" (3/ 611)، وعليه فالمراد: واستفهموا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، هل هو يفارقنا؟ حيث يأمرنا بكتابة وصيّته؟ ، ويؤيّده ما ذكرنا في الجواب عن الطعن الأول أن عمر -رضي الله عنه- كان يزعم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يتوفّى حتى يفني المنافقين، ويظهر الإسلام على فارس والروم، فلو كان هو أو أحد غيره من الصحابة أراد أن يسأله -صلى الله عليه وسلم-، هل حان فراقه إيانا؟ لَمَا كان فيه شيء يُطعن به فيهم، وإنما كان صدر هذا الكلام منهم؛ لفرط حبهم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكراهيتهم لفراقه.

فاندحضت المطاعن جميعًا بحذافيرها، والحمد لله رب العالمين. انتهى منقولًا من "تكملة فتح الملهم" للشيخ محمد تقي العثمانيّ الهنديّ (?).

(قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ (?): حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان بِهَذَا الْحَدِيثِ).

قال الجامع عفا الله عنه: "أبو إسحاق إبراهيم" هذا هو: إبراهيم بن محمد بن سفيان، أبو إسحاق الفقيه الزاهد النيسابوريّ، تلميذ الإمام مسلم -رحمه الله- راوي "صحيحه" عنه، توفّي في رجب سنة (308 هـ) تقدّمت ترجمته في "المقدّمة" 6/ 73.

و"الحسن بن بشر": هو السلميّ، قاضي نيسابور، صدوق [11] (ت 244) لم يرو عنه مسلم، وإنما روى عنه أبو إسحاق المذكور في مواضع علا فيها إسناده، وقد تقدّمت ترجمته في "الطلاق" 3/ 3679.

و"سفيان" هو: ابن عيينة المذكور في السند السابق.

وإنما أتى أبو إسحاق بهذا بعد روايته الحديث عن مسلم؛ لأنه علا بدرجة، فساوى مسلمًا فيه، حيث روى الحديث عن الحسن، عن سفيان،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015