الحجّ، وفي الصلوات طول مرضه الذي توفّي فيه، وكان ذلك إشارة واضحةً إلى استخلافه في الإمامة الكبرى، ولذلك قال عليّ -رضي الله عنه-: فلما قُبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نظرت، فإذا الصلاة علم الإسلام، وقوام الدين، فرضينا لدنيانا من رضيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لديننا، فبايعنا أبا بكر، ذكره ابن عبد البرّ في "الاستيعاب" (?).

وقد ثبت عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنه قال لعائشة -رضي الله عنها-: "لقد هممت أو أردت أرسل إلى أبي بكر، وابنه، فأعهد أن يقول القائلون، أو يتمنّى المتمنّون، ثم قلت: يأبى الله، ويدع المؤمنون، أو يدفع الله، ويأبى المؤمنون"، كما رواه البخاريّ في "المرضى"، و"الأحكام".

فلم لا يجوز أن يكون النبيّ -صلى الله عليه وسلم- دعا الكتف والدواة ليكتب الخلافة لأبي بكر -رضي الله عنه-، ثم بدا له أن يترك الأمر شورى بين المسلمين؛ لِمَا كان يَعرف أن المؤمنين يأبون إلا أبا بكر -رضي الله عنه-؟

وقد ثبت في بعض كتب الشيعة أيضًا أن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قد اعترف بأنه لم يَعهد إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئًا، وإنما أخذ منه الميثاق لبيعة أبي بكر -رحمه الله-، فقد ذكر في "نهج البلاغة" أنه قال: رضينا عن الله قضائه، وسلّمنا لله أمره، أتراني أكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ والله لأنا أول من صدّقه، فلا أكون أول من كذب عليه، فنظرت في أمري، فإذا طاعتي سبقت بيعتي، وإذا الميثاق في عنقي لغيري. راجع الخطبة من "نهج البلاغة" (1/ 89).

والظاهر من هذا الكلام أنه -رضي الله عنه- يتحدّث عن بيعته لأبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، وأنه بايع أبا بكر -رضي الله عنه- وفاء لميثاق يظهر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وثّقه به، والله -سبحانه وتعالى- أعلم.

الجواب عن الطعن الرابع:

وأما الطعن الرابع، فهو أن عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- نسب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الهذيان في الكلام بقوله: "أهجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ " والجواب عنه أني لم أجد في شيء من الروايات الصحيحة أن قائل هذا الكلام هو عمر -رضي الله عنه-، وإنما ذكر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015